Mervin Smucker Konrad Reschke. Muta Baraka

Transcription

1 إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة دليل معاجلة الصدمة من النوع األول Mervin Smucker Konrad Reschke Betty Koegel Samer Rudwan Muta Baraka مريفني مسوكر كونراد ريشكه بييت كوغل سامر رضوان مطاع بركات

2 تصميم الغالف: سامر رضوان نسخة إليكرتونية منقحة 3102 إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة 1

3 احملتويات هذه ترمجة عربية وحترير مصرح بهما لكتاب Imagery Rescripting & Reprocessing Therapy By Mervin Smucker Konrad Reschke Betty Koegel 2 Samer Rudwan (Editor)

4 إعادة احملتويات رسم الصورة وعالج اإلعادة دليل معاجلة الصدمة من النوع األول تأليف Mervin Smucker Betty Koegel Muta Barakat Konrad Reschke Samer Rudwan ميرفين سموكر كونراد ريشكه بيتي كوغل سامر رضوان مطاع بركات الرتمجة والتحرير د. سامر مجيل رضوان أستاذ يف علم النفس اإلكلينيكي الناشر دار الكتاب اجلامعي العني - دولة اإلمارات العربية املتحدة سامر رضوان )حمرر(

5 احملتويات احلقوق مجيعها حمفوظة للناشر حقوق امللكية األدبية والفنية مجيعها حمفوظة لدار الكتاب اجلامعي العين. وحيظر طبع أو تصوير أو ترمجة أو إعادة تنضيد الكتاب كامال أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة تسجيل أو إدخاله على الكمبيوتر أو برجمته على أسطوانات ضوئية إال مبوافقة الناشر خطيا. Copyright All rights reserved الطبعة األوىل 1430 ه م دار الكتاب اجلامعي عضو احتاد الناشرين العرب عضو اجمللس العربي للموهوبني واملتفوقني العني - اإلمارات العربية املتحدة ص.ب هاتف فاكس bookhous@emirates.net.ae 4 Samer Rudwan (Editor)

6 احملتويات املوضوع الصفحة تقديم الطبعة العربية مقدمة حمرر الطبعة العربية مقدمة الطبعة األملايية...31 مدخل الطبعة األملايية...13 اجلزء األول اضطرابات الصدمة النفسية وعالج اضطرابات الضغوط التالية للصدمة الفصل األول اآلثار النفسية للخربات الصادمة...12 الضغوط املتطرفة والذبح النفسي املعاناة املهملة أعراض اضطرابات الضغوط التالية للصدمة أعراض التجنب املشكالت النامجة عن معاناة حدث صادم ردود أفعال طبيعية على أحداث شاذة ما الذي ميكن فعله...44 هل تزداد اضطرابات الضغط ما بعد الصدمة...41 املعاجلة النفسية الضطرابات الضغوط التالية للصدمة الفصل الثايي منكوبون يف احلرب: صدمة يفسية أم أكثر من ذلك بكثري مقدمة

7 1.1 التكيف اإليسايي يف ظروف احملتويات احلياة املعتادة يتائج األحداث احلامسة يف تكيف الفرد ثالث مساحات للضبط يف حياتنا العوامل اليت تزيد النتائج السلبية للحدث الصادم أين هو مكان الصدمة النفسية من هذا كله شدة تأثري الصدمة ما الذي يساعديا على أن يتجاوز الصدمات اليت منر بها حني ال يتمكن الفرد من أن يتجاوز الصدمة الفصل الثالث عالج اضطرابات الضغوط التالية للصدمة مبادئ عامة حول الصدمة واضطراب الضغوط التالية للصدمة... PTSD 21 تعريف الصدمة االنتشار املنشأ تصنيف اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( االختالطية والتشخيص التفريقي الفصل الرابع خطوط موجهة لعالج اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( األسس موجهات عالجية وعناصر املعاجلة مراحل العالج النفسي التحضري والتشخيص التثبيت معاجلة الصدمة واضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD ( Samer Rudwan (Editor)

8 احملتويات االندماج وإعادة االرتباط فرص وخماطر العالج الفصل اخلامس مبادئ عالجية وعرض للطرق العالج السلوكي االستعرايف مبادئ عالجية سلوكية خاصة يف اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( 143 العالج النفسي االستعرايف السلوكي وفق إيلرز العالج باملواجهة وفق فوا... Foa خفض حساسية حركات العني لشابريو تقنيات وطرق أخرى اخلطوط االتفاقية consensual املوجهة لعالج الصدمة اجلزء الثايي إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة :IRRT مبادئ عالجية للعالج النفسي الضطرابات الضغوط التالية للصدمة وفق النوع األول من الصدمة الفصل السادس إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة مدخل األسس النظرية توضيح بنى الذاكرة اخلاصة بالصدمة مناذج املعاجلة الشبكات االستعرافية االنفعالية نظرية التصويرة نظرية عالقة املوضوع ملخص األسس النظرية إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة أهداف إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة...IRRT سامر رضوان )حمرر(

9 احملتويات من عالج النوع الثايي إىل عالج النوع األول من الصدمة الفصل السابع دليل إعادة رسوم الصورة وعالج اإلعادة IRRT قاعدة املعاجلة األساسية البناء العام إلعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة IRRT مدة وعدد اجللسات التصرف داخل اجللسة حتضري جلسات التخيل وإعادة الرسم إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة الفاعلية ومضادات الفاعلية )دواعي وموايع االستخدام السوابق والتشخيص واملداواة التوعية النفسية إلعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة IRRT 7.3- وصف وحدة Module-Describe عالج إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة IRRT اجلزء الثالث مالحق ملحق A منوذج احلالة األوىل- النوع األول من الصدمة إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة IRRT بعد حادث عمل مع إصابة يف اليد احلالة الثايية الصدمة من النوع الثايي Type-II-Trauma ملحق إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة IRRT بعد االستغالل اجلنسي B القائمة السورية لألعراض )النسخة A( )النسخة B قيد التطوير( استفتاء للشخصية )أمحد عبد اخلالق( KUAS مقياس سبيلبريغر للقلق استفتاء لتقدير الذات )2( الصيغة )ي - ) املقياس العام االكتئاب Hautzinger 9 Samer Rudwan (Editor)

10 احملتويات استخبار - ما بعد التخيل (PIQ) Post-Imagery-Questionnaire استخبار - ما بعد التخيل (A) لالستخدام يف النوع األول من الصدمة استخبار - ما بعد التخيل (B) لالستخدام يف النوع األول من الصدمة بروتوكول االرجتاعات الذاكرية...Flashback protocol 120 بروتوكول الواجبات املنزلية سامر رضوان )حمرر(

11 احملتويات 14 Samer Rudwan (Editor)

12 صورة واحدة تساوي عشرة آالف كلمة one picture is worth ten thousand words»memory is everything. Once flexibility is introduced, the traumatic memory starts losing its power over current experience. By imagining these alternate scenarios many patients are able to soften the intrusive power of the original, unmitigated horror «Van der Kolk & Van der Hart (1991-P.450). الذاكرة هي كل شيء. و عندما تكون مرونتها موضع استعمال فإن الذاكرة املؤملة تبدأ بفقدان قوتها على اخلربة الراهنة. وعند ختيل هذه السيناريوهات البديلة فإن العديد من املرضى يصبحون قادرين على تليني القوة االقتحامية للرعب الشديد األصلي. فان كولك وفان هارت )9119 ص 054(. 11

13

14 تقديم الطبعة العربية مريفن مسوكر و كونراد ريشكه إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة طريقة جديدة نسبيا لعالج الصدمة انتشرت بسرعة يف العامل إىل جانب العالج باملواجهة Exposure Foa لفو Eye Movement Desensitization (EMDR) و خفض احلساسية حبركات العني لشابريو.Shapiro ويرحب املؤلفان بوجود اهتمام يف احمليط الناطق بالعربية ويتمنيان أن يلقى الكتاب االنتشار والقبول ويقدمان الشكر حملرر الكتاب الربوفيسور سامر رضوان لقيامه بالرتمجة العربية واإلضافات اليت قدمها للنص األصلي بالتعاون مع الدكتور مطاع بركات ليخرج الكتاب بصورة جديدة تعكس منظورا ثقافيا ووجهة نظر إضافية تسهم يف الفهم لظاهرة معقدة ذات بعد ثقايف وسياسي جيد العالج النفسي نفسه يف مواجهتها وتتطلب منه التدخل. وهي إشارة إىل إمكانات العمل عرب الثقايف الذي حياول أن يوجد أسسا للتعاون املشرتك ويبحث عن نقاط التقاء تهتم باإلنسان كقيمة أينما كان تستحق االهتمام. هذا الكتاب يقدم للقارئ األساس التطبيقي لعالج تكاملي للصدمة مت تطويره باألساس ملرضى عانوا من صدمات يف الطفولة. فقد مت بداية تطوير الطريقة ملا يسمى "الناجون من صدمات الطفولة Suvivors "Childhood Trauma غري أنه مت تطويره يف هذه األثناء للعالج التكاملي للصدمة سواء لعالج الصدمة من النوع األول أم الثاني وميكن استخدام ها و بيا ن مد ى فاعلي تها يف األ نو ا ع ا مل ر ك بة م ن الصدما ت ال يت ب تنا نو ا جهها اليوم بدرجة متطرفة يف مناطق خمتلفة من العامل. وميك ن للطريقة أن تق ود إىل ت أثريات سريعة وتنف يس انفع الي ش ديد. ويستطيع املعاجلون اخلرباء موضعة الطريقة على مسؤوليتهم الفردية بني الطرا ادادفة للتثبيت والتدخالت ادادفة إلعادة التوجه. وتقوم ط ر يقة إعاد ة رسم الصو ر ة وعالج ا إلعاد ة على اس تخد ام ال تصو ر ا ت و إعاد ة ال بناء االستعرايف وتتضمن عناصر املواجهة يف التخيل والعمل التصوري-القائم على املوارد لدى 13

15 املقدمة الناس املنصدمني. وتوضق توثيقات احلاالت املعروضة يف الكتاب استخدام الطريقة بوضوح جلي وكذلك أيضا املسؤولية اإلنسانية واحلضور العاليني اللذان حيتاجهما عالج الصدمة كما أن املؤلفون مستعدون للتدريب على الطريقة يف ورشات عمل بهدف توضيق املبدأ. وميكن استخدام طريقة إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة سواء يف إطار العالج السلوكي أم يف إطار العالج القائم على أساس علم نفس األعماا. ولنأمل أن تساعد الطرا املوصوفة هنا يف مساعدة كثري من الناس. Prof. Mervin R. Smucker, Ph.D und Prof. Dr. Konrad Reschke 14 Samer Rudwan (Editor)

16 املقدمة مقدمة حمرر الطبعة العربية تفتقد املكتبة للربامج العالجية املوثوقة واملسندة حول معاجلة كثري من األمراض واالضطرابات النفسية. ويأتي هذا الكتاب ليسهم يف تقديم برنامج عالجي حظي مؤخرا باالعرتاف من خالل الدالئل اإلمبرييقية وميكن استخدامه بصورة عابرة للثقافة من دون اللجوء إىل تعديالت شريطة أن يقوم بها معاجل متخصص ومؤهل. لقد عرفت سلطة الصور الداخلية منذ القديم. ويقوم االستخدام العالجي دا على االستثارة الفاعلة دا و على العمل مع كل ما يرتافق مع هذه الصور الداخلية من انفعاالت ومشاعر وخربات. وهناك جمموعة متعددة من الطرا القائمة على الصورة ختتلف تتشابه مع بعضها يف بعض الوجوه وختتلف يف وجوه أخرى حسب االجتاه العالجي. وترجع أوىل الطرا التخيلية املستخدمة يف العالج املعروفة إىل العالج النفسي األعماقي. ففي عام 1349 لفت هانس كارل لوينر Hanscarl Leuner النظر إىل استخدام التصور ألغراض Happich 1332 عالجية من خالل حماولة منشورة يف العام دابش استخدم فيها متارين ختليلية للتأمل الديين. وحاول لوينر استخدام الرموز العلم نفس أعماقية أي رمزية احللم واهتم يف ذلك الوقت بتعليم جمموعة من الزمالء هذا اجملال املهم من عمليات التصوير النفسية وتطويره إىل مستوى علمي معرتف به. وقاد األمر بعد سنوات عدة يف عام 1354 إىل أول منشور مربمج وأطلق عليه يف ذلك الوقت تسمية "خربة الصورة التجريبية بالتخيل Experimentelles يف اإلغريقية التعلق ب أو النزول أو ادبوط و Kata وتعين."Katathymes Bilderleben Thymosالروح واملقصود هنا االنفعالية.Emotionality أما مفهوم Katathym فقد أدخله الطبيب النفسي األملاني ماير.H Maier يف عام 1312 يف الطب النفسي األملاني لوصف العالقة بني 15 سامر رضوان )حمرر(

17 املقدمة االنفعاالت Emotion والوجدان.Affectively وقد اتضق يف جمرى هذه السلسلة من التجارب يف جلسة احللم اجملراة بانتظام أنه تظهر لدى املرضى العصابني فاعلية عالجية مل تكن موصوفة حتى ذلك الوقت وغري مدروسة منهجيا. و يف عام 1355 نشرت األسس النظرية وطرا ونتائج العالج النفسي خلربة الصورة التخيلية حتت تسمية "طريقة إكلينيكية يف العالج النفسي" إال أن تقنية املبدأ التجرييب قد أثرت بصورة دخيلة على األسلوب العالجي غري أنه اتضق باطراد أن التفتق احلر للمشاعر واالنفعاالت الطافية بشكل عفوي والتصورات )التخيالت( اخلالقة املرتبطة بها مثمرة جدا لتطور العملية العالجية. دذا حتدث لوينر يف عام 1361 عن خربة الصورة بالتخيل Katathymen Bilderleben والحقا عن "دراما الرمز "Symbol Drama ورسخ هذا املفهوم يف السويد وهولندا واشتهر يف اللغة اإلجنليزية حتت تسمية "التصور االنفعالي املوجه Guided Affective "imaginary وهذه التسميات توضق الكثري من جوهر الطريقة حيث يتضق من املفهوم اإلجنليزي عالقة الصورة املتخيلة بعامل املشاعر والتعامل مع الرموز حسب نوع تفتق اخلربة الدارماتية يف هذا املفهوم. ويف عام 1332 مت تغيري اسم هذه الطريقة وظلت تسمية خربة الصورة التصويرية )التخيلية( كتسمية للعملية التخيلية وكجوهر لألسلوب ككل. وأصبحت اآلن تسمى خربة الصورة-التخيلية التصورية.Kathathym-Imaginary Picture experience وهي تسمية تشري إىل أن األمر يتعلق بطريقة عالجية حتقق معايري العالج النفسي األعماقي وليس بتقنية عالجية. وتقوم هذه الطريقة تقنيا على استثارة التخيل الذي يشبه األحالم النهارية لدى املريض املسرتخي املستلقي على األريكة. ويتم ذلك من خالل تقديم حافز ختيل ميثل صور مواجهة الناس واحليوانات. ويستطيع الشخص الذي يتخيل بالصور التحرك يف البعد الثالثي يف هذه 16 Samer Rudwan (Editor)

18 املقدمة اخلربة اليت تشبه اخلربة الواقعية وكأن األمر يتعلق ببنية حقيقية. ويقوم املريض أو املتعاجل بإخبار املعاجل بالصور اليت يتحرك فيها وهذا بدوره ميكنه التأثري على احللم النهاري ومرافقته وتصميمه والتأثري عليه وفق قواعد خاصة. تعد املرافقة التعاطفية للمعاجل مهمة جدا وبهذا ختتلف خربة العالج التصويري التخيلي Picture Imagination عن تقنيات التخيل التوحدي autistic من حنو تأمل الصورة و التخيل الفاعل لكارل غوستاف يونغ (Jung,1984) وعن املرحلة األعلى لالسرتخاء الذاتي. وتكمن خصوصية خربة الصورة التخيلية التصويرية أنه يتم إخبار املعاجل لفظيا بالتخيل يف حلظة نشوءه وهو ما يشكل اجملال البيين بني املعاجل واملريض. فينشأ ما يسمى باملثلث املكون من املتعاجل-املعاجل-احللم النهاري. ويف هذا املثلث ميثل حدث النقل والنقل املعاكس مكونا أساسيا. وينطلق تصور خربة الصورة التخيلية التصويرية من تصور علم نفس األعماا األوروبي التقليدي. فهو يعرتف يف خربة احللم النهاري بالعرض الرمزي للصراعات الالشعورية وما قبل الشعورية. ويعكس احلل الوسط بني النزوعات الدافعية-الوجدانية وحودث الدفاع املشكالت النفسية الراهنة للطفولة وأشكال جذور الصراعات الراجعة للطفولة املبكرة. والطريقة املعروضة هنا هي طريقة تكاملية جديدة لعالج الصدمة تطلق عليها»إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادةTherapy»Imagery Rescripting & Reprocessing مبنية يف األساس على أسس العالج النفسي السلوكي االستعرايف ميثل التصو ير الذهين للحدث أو التفكري باحلدث الصادم على شكل صور و إعادة توجيه الصورة أو املشهد بطريقة خمتلفة عن خربة الصدمة األساسية العناصر األساسية اليت تهدف إىل إعادة البناء االستعرايف. وهي وإن كانت واقعة ضمن جمال العالج السلوكي االستعرايف إال أن عناصرها متتد ألبعد من ذلك وميكن استخدامها أيضا يف إطار العالج النفسي القائم على أسس علم نفس األعماا. يشكر احملرر الناشرين األصليني للكتاب الذين أجازوا الرتمجة للعربية والسماح 12 سامر رضوان )حمرر(

19 املقدمة للمرتجم بتحرير الكتاب بالشكل الذي يراه مناسبا مما أتاح الفرصة إلضافة إسهام مهم من منظور ثقايف خمتلف قدمه احملرر وعمقه الدكتور مطاع بركات املتخصص واخلبري الضليع يف هذا اجملال مقدما رؤية عربية ميدانية متخصصة وملموسة قد تكون األوىل من نوعها مما أضاف على الدليل بعدا إضافيا حيتاج إىل حبث وتعمق أكثر وإعادة النظر يف الرؤية الغربية للتصنيفات من هذا النوع لتأخذ بعني االعتبار تلك األنواع املركبة واملمتدة من الصدمات اليت وجد املتخصص النفسي العربي نفسه أمهامها واليت من الصعب قولبتها ضمن إطار النظرة السائدة يف مراجع التصنيفات العاملية لالضطرابات النفسية التالية للصدمة. وهي دعوة للبدء بتوسيع إطار هذه التصنيفات ناهيك عن تطوير آليات وطرا جديدة للمقاربة العالجية املمتدة يسهم فيها علم النفس والعالج النفسي مبقدار وافر على األقل يف اجلانب األساسي الذي يعنيه. واهلل املوفق أ.د. سامر مجيل رضوان 19 Samer Rudwan (Editor)

20 املقدمة مقدمة الطبعة األملايية يعد مريفن مسوكر Marvin Smucker املمثل الطليعي للعالج االستعرايف السلوكي احلديث للصدمة يف الواليات املتحدة األمريكية. ويف هذه األثناء حيضر املتخصصون سيمناراته يف أوروبا ويشهدوا ويدرسوا ويتعلموا طريقته يف»إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة»Imagery Rescripting & Reprocessing Therapy اليت طورها بالتعاون مع دانسو.Dancu ويف احمليط الناطق باألملانية ال يوجد بعد إال القليل من الكتب واملنشورات حول هذه التقنية يف عالج الصدمة. إال أن خربات استخدام هذه الطريقة قد تطورت ناهيك عن توفر خربات ومعاجلات للصدمة للناس الذين يعانون من الصدمة من النوع I. ومن هنا يقدم هذا الكتاب للمرة األوىل األساس القائم على االستخدام دذه الطريقة التكاملية اجلديدة لعالج الصدمة اليت وعلى الرغم من تطويرها باألصل بشكل خاص للمرضى الذين يعانون من صدمات طفولية إال أنها ميكن تعديلها ملعاجلة الصدمة من النوع I. Imagery Rescripting & Reprocessing وطريقة»إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة»Therapy هي أسلوب سلوكي استعرايف يقوم على التخيل وإعادة البناء االستعرايف. كما حتتوي على تقنية عناصر املواجهة Elements of Exposition يف املوقف امللموس والعمل التخيلي املتمركز حول املوارد مع األشخاص املنصدمني. لقد مت عرض عناصر العالج وتعليمات حول االستخدام املعدل يف النوع األول من الصدمة. وتقدم عروض احلاالت طريقة عمل مريفن مسوكر. وتعد الطريقة مالئمة جدا لعالج الصدمة وميكن إدخادا لرتكيب الصدمة trauma syntheses أو متثلها يف سياا العالج السلوكي واإلطار العلم نفس أعماقي سواء. 13 سامر رضوان )حمرر(

21 املقدمة ويف هذا املقام نقدم الشكر ملريفن مسوكر الستعداده الذي ال يكل يف اإلسهام الفاعل لدراسة ونشر التقنية يف احمليط الناطق باألملانية. ويهدف هذا الكتاب إىل تقديم مساهمة صغرية أخرى. كونراد ريشكه Konrad Reschke 24 Samer Rudwan (Editor)

22 مدخل الطبعة األملايية اقتصر تركيز البحث يف جمال علم الصدمة النفسية Psychotraumatology يف بداياته إىل حد كبري على صدمات احلروب. ويف جمرى العقود املاضية اتسع هذا اجملال من البحث والعمل باطراد وتضمن يف هذه األثناء معارف وعروض لضحايا العنف اجلنسي أو اجلسدي واالعتداءات اجلنائية واإلرهاب واحلروب واحلوادث والكوارث الصناعية والطبيعية وكثري غريها. ومت تطوير العديد من املبادئ العالجية للصدمة وتقوميها واملفصلة إىل حد ما بصورة شديدة التخصيص وفق حاجات ضحايا صدمات حمددة. ولعل املواجهة املمتدة Prolonged Exposure يف جمال العالج النفسي السلوكي االستعرايف هي واحدة من املبادئ العالجية واسعة االنتشار لضحايا الصدمة املرضى باضطراب الضغوط التالية للصدمة (PTST).Posttraumatic Stress Disorders ويف هذا املبدأ يستمر املريض خبربة احلدث الصادم إىل أن يظهر التعود وتنطفئ أعراض اضطراب الضغوط التالية للصدمة. وعلى الرغم من أن كثري من مرضى الصدمة يعيشون املواجهة املمتدة بأنها مفيدة وتؤكد الدراسات فاعليتها إال أنه يوجد مرضى ال يستفيدون من هذا الشكل العالجي والبد من البحث عن إمكانات عالج بديلة & Weis (Gurent, Smucker,.Rusch, 2003; Smucker, Grunert & Weis, 2003) وعليه فقد قدم مسوكر ودانسو يف عام 1333 من خالل إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة اليت يرمز دا اختصارا (IRRT) عالجا Imagery Rescripting & Reprocessing Therapy للصدمة مت تطويره باألساس ملعاجلة الناجني من االستغالل اجلنسي يف الطفولة )النوع II من الصدمة( الذين يسود لديهم الشعور باليأس واالستسالم والذين مل ميكن الوصول 21 يف هذا العمل مت استخدام الصيغة القواعدية الذكورية تسهيال للقراءة واالختصار يف تسمية األشخاص. والبد من اعتبار هذه التسميات جمرد مفاهيم اليت تتضمن بالتأكيد اجلنس األنثوي. ) (

23 املقدمة معهم إىل حتسن يف العالج باملواجهة املمتدة. وإعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة Imagery Rescripting & Reprocessing Therapy تستخدم املواجهة املمتدة أيضا إال أنها تتضمن عنصرا إضافيا يتمثل يف إعادة البناء االستعرايف القائم على التصور. ويقصد بهذا تعديل تصوري ملضامني اخلربة الصادمة يطور فيها املريض صورا للمواجهة والقوة واالعتناء بنفسه. وميكن دذا التعديل للصور والتصورات عن اخلربة الصادمة أن يقود إىل تعديل التصويرات املختلة )املعطوبة( املولدة للصدمة dysfunctional trauma generate Schemata عند املريض ومن ثم إىل حتقيق حتسن يف أعراض.PTSD ويف هذه األثناء مل يعد يقتصر استخدام إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة Imagery Rescripting & Reprocessing Therapy على معاجلة الناجني من االستغالل اجلنسي يف الطفولة وإمنا أمكن استخدامها بنجاح يف معاجلة ضحايا صدمات أخرى خمتلفة من حنو معاجلة ضحايا حوادث السري والعمل وإصابات األيدي وأعمال العنف احلاصلة مرة واحدة يف سن الرشد وأشكال أخرى من النوع األول من الصدمة ;2003 Rusch, (Gurent, Smucker, Weis &.Smucker, Grunert & Weis, 2003) وقد قاد هذا التوسع جملاالت التطبيق إىل ضرورة تنقيق الدليل العالجي لعالج»إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة»Imagery Rescripting & Reprocessing Therapy ذلك أن الدليل املتوفر حتى اآلن يقتصر بصورة خاصة على معاجلة النوع الثاني من الصدمة (Schmuckier (1997 Smucker, &. Dancu, ;1999 Vetter & ويف إطار الكتاب الراهن نهدف إىل حتقيق االنتقال من معاجلة النوع الثاني إىل النوع األول للصدمة وتقديم دليل ناطق باألملانية لل IRRT ملعاجلة النوع األول. يتضمن اجلزء األول حملة عامة حول الصدمة واضطرابات الضغوط التالية للصدمة. وقد مت عرض موجهات ومبادئ خمتلفة للعالج النفسي الضطراب الضغوط التالية للصدمة مع 22 Samer Rudwan (Editor)

24 املقدمة الرتكيز على األساليب االستعرافية السلوكية. ويف اجلزء الثاني مت بدية وصف عالج إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادةTherapy Imagery Rescripting & Reprocessing بإسهاب يعقب ذلك تكييف إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة Imagery Rescripting & Reprocessing Therapy لعالج الصدمة من النوع الثاني مع معاجلة الصدمة من النوع األول وعرض اإلجراء امللموس داخل جلسات إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادة & Rescripting Imagery Reprocessing Therapy منفردة. وقد تضمن امللحق توضيحا ملبدأ إعادة رسم الصورة وعالج اإلعادةTherapy Imagery Rescripting & Reprocessing تشخيصية منتقاة باإلضافة إىل استبيانات توثيق وتقويم. من خالل مثالني ومت عرض إجراءات 23 سامر رضوان )حمرر(

25

26 اجلزء األول اضطرابات الصدمة النفسية وعالج اضطرابات الضغوط التالية للصدمة 25

27

28 الفصل األول اآلثار النفسية للخربات الصادمة الضغوط املتطرفة والذبح النفسي بقلم احملرر 1.1- املعاياة املهملة تعد اضطرابات الضغوط التالية للصدمة Post traumatically Stress reaction من أهم مواضيع البحث يف وقتنا الراهن يف علم النفس نظرا لالنتشار الواسع دذه االضطرابات وتزايد االهتمام العلمي بها. فهل هي ذات أهمية أيضا بالنسبة حلياتنا اليومية لعل الشعب العربي - عرب تارخيه - من أكثر الشعوب تعرضا لألزمات والصدمات النفسية النامجة عن احلروب والكوارث اليت صنعتها يد اإلنسان. ففي كل بلد عربي جند التاريخ يتحدث عن املصائب والصدمات اليت س ب ب ت من اخلارج أو من الداخل صدمات اخرتقت وخترتا بنية اإلنسان املادية والنفسية لتمزقها وترتكها مشوهة متتد آثارها لسنوات عديدة ورمبا طوال العمر وخملفة ورائها احلزن واليأس واالستسالم واخلوف من اجملهول واإلحساس بعقدة الضحية الفاقدة للثقة بكل ما حودا تتوقع اخلطر يف كل حلظة وتشكك بنفسها وباآلخرين ولتتقوقع حول نفسها ولتجعل من أفعادا جمرد ردود أفعال طائشة تعيد من خالدا جتسيد أزماتها وصدماتها وخماوفها بل وكوابيسها ومع ذلك فما نزال من أقل الشعوب اليت اهتمت بدراسة اآلثار النفسية النامجة الكوارث واألزمات قياسا سامر مجيل رضوان 22

29 اجلزء األول على الكم ادائل من أزماتنا النفسية. ورمبا يرجع جزء من أسباب ختبط األداء السياسي على مستوى»النخبة السياسية«إىل تشوه الوعي الناجم عن تأثريات مباشرة أو غري مباشرة للخربات الصادمة. أما على املستوى اجلمعي فيمكن اعتبار أننا مجيعا نعاني من تأثريات متنوعة من الصدمة شوهت وتشوه خريطتنا النفسية إىل درجة أن مالحمها مل تعد قابلة للقراءة رموزها أكثر تشفريا وغموضا تضاريسها متصحرة تكاد تكون مقفرة. ولعل بعض األمثلة )فقط( تساعد يف توضيق الصورة واليت ال نعتقد أنها حباجة لتوضيق: أنظر الفصل التالي 29 Samer Rudwan (Editor)

30 اضطرابات الصدمة النفسية زوايا النفس البشرية من تشويه واغتصاب مل نعرف عنها سوى القشور وما فعله أبناء الوطن الواحد بأنفسهم من حقد طائفي أعمي ممزقني آخر خيوط الثقة بالذات واألرض وحمطمني ثانية عندما تسنق دم الفرصة من جديد. االضطرابات من وجهة النظر النفسية زيادة يف فهما ودعوة لالهتمام بها وعدم جتاهلها. 23 سامر رضوان )حمرر(

31 اجلزء األول مستندين يف هذا إىل توصيف هذه الظاهرة يف املراجع العاملية ذات الصلة دون ادعاء الفضل مع اإلشارة إىل أن التوصيفات العاملية تنظر لألحداث الصادمة يف أغلبها كظواهر فردية يف الغالب وحتاول استغالل املوارد النفسية واالجتماعية يف العالج ولكن ماذا حيصل لو أن هذه املوارد كانت كلها مفقودة دفعة واحدة وكانت األسرة بأكملها مصدومة واملوارد االجتماعية غري متوفرة كما حيصل اليوم يف العراا وغزة ومناطق كثرية من العامل واضطرابات الشدة التالية للصدمة واليت نفضل تسميتها اضطرابات الضغوط التالية للصدمة )الذبق النفسي( هي التسمية اليت تطلقها منظمة الصحة العاملية واجلمعية النفسية األمريكية على ذلك النوع من االضطرابات النفسية النامجة عن التعرض ألحداث وأزمات غري عادية سواء كانت من صنع اإلنسان كالعدوان واحلرب واالستغالل اجلنسي أو نتيجة للكوارث الطبيعية. وعلى الرغم من أنه من طبيعة احلياة تعرض اإلنسان للضغوط والضغوط النفسية ومشكالت سوء التكيف فإن املقصود باألزمة هنا هو اخلربة اليت تكون خارج نطاا اخلربة احلياتية العادية أو املألوفة لإلنسان حبيث تتضمن تهديدا حقيقيا حلياة األفراد الشخصية وحتطيما للممتلكات وتدمريا للبيئة احمليطة باإلنسان مع ما يصاحب ذلك من مشاهد عنف ودمار سواء كان الشخص نفسه ضحية للعنف والدمار والغ نب اجلنسي أم كان مشاهدا ملناظر العنف والدمار هذه. وتشتمل اخلربات الصادمة وفق التصنيفات العاملية على اخلربات التالية : احلروب بكافة أشكادا االعتداء اجلسدي على الشخص)كاالغتصاب والغ نب اجلنسي والضرب والنهب والسلب( واالختطاف واألخذ كرهينة واإلرهاب والتصفية اجلسدية واألسر نتيجة احلرب وأسر املدنيني يف معسكرات االعتقال والكوارث الطبيعية كالرباكني والزالزل أو املسببة من اإلنسان نفسه وحوادث السيارات الشديدة وتشخيص مرض خطري مهدد للحياة. باإلضافة لذلك تعترب اخلربات اجلنسية عند األطفال غري املتناسبة مع مستوى نضجهم خربات صادمة جنسيا حتى وإن مل 34 Samer Rudwan (Editor)

32 اضطرابات الصدمة النفسية ترتافق هذه اخلربات بالتهديد أو العنف. كما وميكن تقييم األحداث اليت ال يكون الشخص نفسه ضحية دا وإمنا يكون فيها مراقبا أو مشاهدا كمشاهدة إصابة شديدة أو مشاهدة حالة موت غري طبيعي نتيجة حادث أو عمل إجرامي أو قتالي أو نتيجة لكارثة طبيعية أو املشاهدة غري املتوقعة للجسد املقتول أو جلزء منه على أنها خربات صادمة. ولنا هنا أن نتصور مدى التشوه احلاصل نتيجة رؤية ماليني العرب ملناظر الذبق البشري اليت متت وتتم ممارستها يف العراا حتت اسم الدين وتلك األصوات الالبشرية الصادرة من الوحوش اآلدمية اليت قادت كثري من الناس إىل حدود االنهيار وكذلك صور املمارسات البشعة لالحتالل األمريكي وهو يتعامل مع البشر بصورة خترج حتى عن حدود التعامل ادمجي. وكذلك ميكن اعتبار كل األحداث احلياتية املؤملة واليت ميكن أن متس أحد أفراد األسرة واليت يسمع عنها املرء دون أن يراها أحداثا حياتية صادمة أيضا. ومن الناحية الكمية ميكن القول أن األحداث احلياتية الصادمة النامجة عن فعل اإلنسان أشد وقعا وتأثريا من الناحية النفسية من األحداث النامجة عن الكوارث الطبيعية. من بني الكوارث الطبيعية تعد الزالزل - والرباكني- من الكوارث ذات األثر الشديد بسبب ما حتمله من فقدان األمن والثقة بأكثر العناصر ثباتا ورسوخا واستقرارا يف حياة اإلنسان. وميكن إعادة تلخيص جمموعة العوامل بالنقاط التالية: التعرض الفردي لتأثريات العنف: كالتهديد والسرقة )حوادث السلب والنهب أو حوادث السري( االختطاف/األخذ كرهينة التصفية اجلسدية اإلرهاب معسكرات االعتقال األسر االغتصاب االستغالل اجلنسي أعمال العنف األخرى التسبب حبادث شديد... اخل. 31 سامر رضوان )حمرر(

33 اجلزء األول مشاهدة تأثريات العنف: مشاهدة حادثة أو أكثر من احلوادث املذكورة أعاله. )وقد أصبحت كثرية بسبب العوملة اإلعالمية الكونية(. العنف اجلمعي: املواجهات العسكرية واحلروب األهلية أو الطائفية أو العقائدية أو القبلية التهجري ادرب... اخل. الكوارث الطبيعية: كالزالزل والرباكني )حيث تؤثر الزالزل على شكل فقدان األمان حيث يبدو ما كان حتى اآلن أكثر شيء باعث على األمن واالستقرار غري موثوا( واحلرائق الكربى والصواعق والفيضانات )من حنو انهيار السدود( واألعاصري وانهيار اجلبال واالنهيارات الثلجية... اخل. كوارث تكنولوجية: كحوادث السيارات والسفن والقطارات والطائرات واحلوادث النووية والكيميائية والكهربائية. الضغوط اجلسمية والنفسية الشديدة: كاحلروا والذحبات الصدرية واآلفات القلبية واجللطات الدماغية وحاالت األمل والكي باملواد الكيماوية والتشويهات وأحيانا يكون جمرد معرفة تشخيص ما أو اإلخبار حبدث مرهق أو مرض وخيم العامل الذي يستثري هذا االضطراب. كما ال يقتصر األمر على املعنيني مباشرة باحلدث بل وحيدث أيضا مع اآلخرين الذي ال يكونوا معنيني باألمر بشكل مباشر )وبشكل خاص األقارب أو األصدقاء(: املرض املوت العنف الكوارث. وأحيانا أيضا الرؤية غري املتوقعة إلنسان ميت أو جلزء من اجلسد سواء بشكل مباشر أو حتى يف وسائل اإلعالم. وال تقتصر اآلثار النامجة عن احلروب أو احلوادث أو الكوارث الطبيعية أو العنف )اجلنائي( أو عن التعذيب على اجملال اجلسدي فحسب وإمنا متتد لتشمل اجملال النفسي تاركة وراءها جراحا نفسية عميقة غري ملحوظة يف كثري من األحيان تفعل فعلها عرب 32 Samer Rudwan (Editor)

34 اضطرابات الصدمة النفسية الزمن وتنخر يف املعنيني الذين تعرضوا إىل شكل من أشكال األحداث احلياتية الصادمة. وحنن غالبا ما نهتم باإلصابات اجلسدية النامجة عن األحداث احلياتية الصادمة ونعاجلها بسرعة كي تشفى ونتجاهل يف الوقت نفسه اإلصابات النفسية النامجة عن ذلك يكبتها املعنيون يف أغوار ال شعورهم ويهملها املتخصصون. فعندما يشكو األشخاص الذين تعرضوا لويالت احلروب والدمار ادمجي أو لكوارث طبيعية أو حلوادث سري أو لشكل من أشكال التعذيب والضغط واإلكراه من أعراض العصبية واألرا واحلزن والقلق أو اخلوف فإن التشخيص غالبا ما يكون متسرعا باجتاه القلق أو االكتئاب ويتم جتاهل أن هذه األعراض ميكن أن تشري إىل اضطرابات الضغط النامجة عن الصدمة. ونتيجة دذا اخلطأ يف التشخيص فإن األطباء غالبا ما يصفون املهدءات النفسية ملرضاهم اليت ختفف ظاهريا من األعراض. ومبجرد التوقف عن تناول األدوية املهدئة تعود األعراض ثانية مما قد يتسبب يف وقوع املرضى يف حلقة التعود أو اإلدمان على املواد النفسية. والسؤال املطروح ملاذا رجع الناس إىل هذا املوضوع اليوم على الرغم من أنه كان هناك معنيني باألمر منذ فجر احلياة تعود أوىل الوصوفات اليت قدمت دذا االضطراب إىل أواسط القرن السابع عشر. وقبل مئة سنة تقريبا مت استخدام تسمية»عصاب احلرب«لإلشارة إىل احلالة اليت كانت تصيب اجلنود يف أثناء املعركة وبعدها. وتشري املراجع املتخصصة يف هذا امليدان إىل أن السبب الكامن خلف هذا املصطلق حتت هذه التسمية اجلديدة يرجع إىل األحباث األمريكية أو بشكل أفضل إىل احلروب األمريكية يف كوريا وفيتنام بالدرجة األوىل واألحداث اليت شهدها العامل كله يف تسعينيات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد وعشرين وما زال يشهدها. يف أثناء ذلك أخذ املتخصصون النفسيون واألطباء النفسيون يتذكرون الضحايا املدنيني بنتيجة الضغوط املتطرفة اليت تنطبق عليها تشخيصات الطبيب النفسي العسكري 33 سامر رضوان )حمرر(

35 اجلزء األول أو املتخصص النفسي العسكري بشكل جيد. أعراض اضطرابات الضغوط التالية للصدمة -1.2 من الطبيعي أال تستجيب كل ضحية بالطريقة نفسها. ولعل هذا األمر يتعلق بعوامل خمتلفة. فمن ناحية توجد فروا يف نوع الضغط. إال أن املهم كذلك مفاجأة اإلنسان باحلدث أم توقعه. كما يتعلق األمر بنمط الشخصية والسن واجلنس واملدة وبإمكانات إعادة الرتميم بشكل خاص. واإلنسان الذي ال يستطيع أن يريق نفسه بني ضغوط )متطرفة( متعددة فإنه يستهلك احتياطاته اجلسمية والنفسية بسرعة أكرب ومن ثم تسوء احتماالت شفاءه على املدى البعيد. وليست الصورة املرضية الضطرابات الضغوط التالية للصدمة متنوعة بشكل مضن فحسب بل م ش ت تة أيضا. وبشكل خاص فإننا ال نالحظ األعراض على األشخاص وإمنا هم يعانون داخليا»فقط«. وكثري منهم ال يعربون على اإلطالا ذلك أنهم يف كل األحوال ال يتوقعون احلصول على التفهم وبشكل خاص على املدى البعيد. ويشبه األمر هنا استجابة احلزن حيث يشارك اآلخرين املعين حزنه لفرتة قصرية وبعد ذلك عليه أن يتعامل لوحده مع حزنه وعليه أن يتماسك بسرعة كي ال يرهق اآلخرين بشكل ال لزوم له. ويعتقد البعض أن تقديم العون املادي يكفي ليستعيد اإلنسان توازنه النفسي عدا عن هذا ال شيء. واجلدير بالذكر أنه ليس بالضرورة أن ميس اإلنسان باخلربات الصادمة أو املرهقة مباشرة بل بشكل غري مباشر أيضا. إذ تكفي أحيانا مشاهدة حدث ما ليقع اإلنسان ضحية لضغط ما بعد الصدمة وهو ما لوحظ بكثرة لدى األطفال يف الوطن العربي نتيجة السيل العارم من مشاهد القتل والتدمري الذي حصل يف غزة اليت نقلتها وسائل اإلعالم. وكذلك ما حصل لدى الكبار أيضا من استجابات نامجة عن املشاهد 34 Samer Rudwan (Editor)

36 اضطرابات الصدمة النفسية الصادمة مع ما ترافق مع ذلك من مشاعر العجز والغضب. ومن يعاني من مرض جسمي أو نفسي أو ضغط نفسي اجتماعي متوسط حتى الطويل املدى أي ميتلك باألساس احتياطات أقل مما هو احلال حتت الشروط الطبيعية فسوف لن يتمكن من التعامل مع كليهما معا بشكل جيد. وهذا يعين أن املعاناة القدمية مضافا إليها الضغوط احلديثة تساوي احتماالت سيئة بالشفاء. ومع أن العواقب النفسية للخربات الصادمة ختتلف باختالف األفراد غري أن هناك جمموعة من األعراض املشرتكة اليت تظهر عند األشخاص الذين تعرضوا حلوادث صادمة. فكثري ممن يتعرضون لويالت احلروب أو للسجن ألسباب سياسية أو لألسر أو كانوا ضحية لالعتداء اجلسدي أو لكوارث احلروب أو للكوارث الطبيعية أو ضحية التهامات باطلة يعانون من منط من األعراض يتجلى باضطرابات النوم )األرا( والكوابيس املرعبة واالنسحاب االجتماعي وفقدان االهتمام االكتئابي والقابلية السريعة لإلثارة والتوتر وللفزع املفرط. وبشكل عام حيصل - بعد أن ختف استجابة الصدمة أو الفزع األوىل-فقدان ملتعة احلياة واالهتمامات والنشاطات واملبادرة والعطاء. ويبدو وكأن كل شيء قد تبخر. بعد ذلك»يتجذر«تذكر متكرر بانتظام شبه قسري. مرتافق بعدم االستقرار الداخلي والتوتر واالستعداد لالستثارة. باإلضافة إىل ذلك تنهك اضطرابات النوم املعنيني وإذا كان هناك نوم فتنهك الكوابيس املرء حارمة إياه من النوم وتاركة إياه حتت وطء رمحتها. ومرارا ينشأ الشعور وكأن احلدث املرهق يتكرر اآلن ويف بعض األحيان فقط بسبب مثري ال قيمة له من احمليط أو من خالل جمرد التصور. وعند ذلك ينشأ عندئذ سلوك جتنب مطابق مع االنسحاب وخطر العزلة. وأخريا يصبق اإلنسان مهددا باخنفاض مطرد يف إجنازه أي يكاد املرء ال يستطيع 35 سامر رضوان )حمرر(

37 اجلزء األول القيام بواجباته إال بعد جهد كبري. وتتميز النهاية باحنطاط شديد إال أنه ال يشبه»االكتئاب التقليدي«. بل أن األمر يتعلق هنا أكثر بيأس أو»باستسالم يفرتس من الداخل بشكل خمفي«وهو نوع ميتد من التخدير وصوال إىل اجلمود أو التصلب العاطفي الذي ال يلحظ إال من خالل ازدياد عدم املشاركة باحمليط. ناهيك عن وجود خطر األفكار القسرية واضطرابات االنتباه والرتكيز والنسيان وعدد كبري من الشكاوى القابلة للتفسري سيكوسوماتيا من دون أسباب جسمية. كاالضطرابات الوظيفية وتشتت األحاسيس أو األمل يف جمال الرأس والقلب والدورة الدموية وآالم الظهر والعمود الفقري واملفاصل. أما ما يدركه احمليط بشكل خاص فهو فرط االستثارة غري املعروفة حتى اآلن على شكل يقظة أو حذر مفرط االرتفاع وتوتر وعصبية وخيفة أو فزع مفاجئ ونوبات خوف مفاجئة ورمبا أحيانا انفجارات عدوانية من دون سبب أو على األقل غري قابلة للفهم من اخلارج. وهو أمر يقود إىل الوقوع يف حلقة مفرغة. إذ من يرتك نفسه حيدث معها هكذا أمر إذا ما مل يكن يعرف إىل أين سريجع. وحتى أولئك الذين يعرفون األسباب أو خيمنونها فهؤالء ال يرون هنا "ككبش فداء بالنيابة" إشغال الرأس بأمر ليسوا مسؤولني عنه. وعلى أية حال ال يعرف املرء كيف يتعامل مع هذا املوقف بشكل مناسب حتى املعين ال يعرف ويصبق أكثر اغرتابا عن ذاته. أما من حيث اجملرى فيمكن التمييز بني: استجابة الضغط التالية للصدمة اليت تأخذ جمرى يرتاوح بني اخلفيف إىل املتوسط. استجابة الضغط التالية للصدمة اليت تأخذ جمرى يرتاوح بني طويل األمد إىل املزمن Samer Rudwan (Editor)

38 اضطرابات الصدمة النفسية اليت تدمر نصف احلياة بل كلها أحيانا. ومن بني عوامل التأثري اليت حتدد مدة املعاناة هناك كذلك السؤال املتمثل يف: هل هي كارثة طبيعية أم تقنية وهي ما ميكن للمرء أن يتعامل معها بشكل أفضل على ما يبدو- أم أن املثري»من صنع البشر«فهذا األخري يقود بشكل خاص إىل الفقدان الدائم للثقة بني الناس وله عواقب أكثر جدية من األوىل. وميكن تقسيم األعراض املتنوعة الضطرابات الضغط النامجة عن الصدمة إىل ثالثة فئات رئيسية تتمثل يف : أعراض الذكريات أو ما يسمى علميا باالقتحام أو التطفل Intrusion وأعراض التجنب وأعراض فرط اإلثارة أعراض الذكريات من أكثر ما مييز صورة االضطراب هو الذكريات املتكررة واملرهقة للخربة الصادمة واليت تقتحم ذهن املعين بدون أي مناسبة واألسوأ من ذلك أن كثري من املعنيني يعانون من مشاعر الذنب ألنهم عاشوا أو جنوا يف حني أن اآلخرين قتلوا أو ألنهم اضطروا للقيام بتصرفات معينة من أجل إنقاذ حياتهم وحيملون أنفسهم مسؤولية ما جرى دم. إنهم يغرقون يف دائرة مغلقة من األفكار القسرية اليت تتمثل يف التذكر واللوم وتأنيب الذات وال يستطيعون التخلص من هذه الثالثية املرهقة. وتباغتهم الذكريات املؤملة بشكل متكرر.إنها ليست جمرد ذكريات وحسب بل إنها ذكريات حية وشديدة الدقة بتفاصيلها م عذبة يف حمتواها تهجم بشكل خاص قبل النوم تاركة املعين حتت رمحتها اليت هي أشد عذابا من احلدث الصادم نفسه يف كثري من األحيان. وال يقتصر األمر على الذكريات بل ميتد كذلك ليشتمل األحالم )الكوابيس خصوصا ) اليت تتكرر فيها مشاهد مفرطة الدقة من األحداث الصادمة ويف أغلب األوقات 32 سامر رضوان )حمرر(

39 اجلزء األول منه. يتكرر احملتوى نفسه للكابوس ويف كل مرة يستيقظ الشخص مذعورا والعرا يتصبب كما ال يتوقف األمر على جمرد تكرار خربات احلدث الصادم أو األحداث الصادمة يف الذكريات واألحالم فحسب بل ميكن أن حيصل أن يقوم الشخص املصدوم وبشكل مفاجئ بالتصرف - أو أن يشعر - وكأنه يعيش من جديد احلدث الصادم بتفاصيله. وترتبط أعراض التذكر مع مشاعر قويه تضع املعنيني يف حالة صدمة ومعاناة نفسية تربز بشكل خاص عندما يواجهون مواقف شبيهة تذكرهم باحلدث الصادم أعراض التجنب غالبا ما حياول املعنيون بشكل شعوري أو ال شعوري كبت األفكار وجتنب املواقف اليت تذكرهم مبا عاشوه من صدمة وذلك من أجل محاية الذات من الضغوط النامجة عن أعراض التذكر )فشل يف الدفاع املثمر وحشد للدفاع املرضي(. ويتجلى ذلك بصورة واضحة من خالل االنسحاب االجتماعي. فنجدهم يرفضون تلبية الدعوات ويتخلون عن واجباتهم وهواياتهم عموما حيث يالحظ وجود اخنفاض واضق يف االهتمام باملشاركة يف النشاطات االجتماعية املهمة بعد خربة حدث صادم ما. فاألشياء اليت كانت يف السابق مهمة بالنسبة للمعين تصبق بشكل مفاجئ بعد احلدث الصادم عدمية املعنى. وتتقيد قدرة املعين على املشاركة واإلحساس بالسرور وتتبلد املشاعر وغالبا ما يفتقد املعنيون للطاقة والصرب الالزمني لبناء املخططات املستقبلية حيث يعاش املستقبل هنا بأنه غامض أو حمجوب )ويتجلى ذلك يف حالة األطفال الذين تعرضوا خلربة صادمة من خالل اإلحساس مبحدودية املستقبل اليت تعرب عن نفسها من خالل اعتقادهم بأن احلياة قصرية من اجل أن يصبق املرء راشدا أو من خالل توقع األحداث املستقبلية املؤملة(. ويتجنبون احلديث عن 39 Samer Rudwan (Editor)

40 اضطرابات الصدمة النفسية خرباتهم املؤملة وبشكل خاص عن بعض التفاصيل أو على الرغم من أن الكوابيس غالبا ما تكون على شكل إعادة دقيقة ملشاهد من احلدث الصادم إال أن القدرة على تذكر الوجوه املهمة للكابوس تكون معدومة تقريبا أعراض فرط اإلثارة إن من تعذب الذكريات أفكاره ومشاعره يتشكل لديه فرط إثارة داخليه ميكن أن تقود إىل ردود فعل الفزع وفرط االنتباه أو اليقظة وإىل استجابات جسدية كاالرتعاش املستمر. ويغلب أن مييل األشخاص املصدومون إىل فرط اإلثارة ونوبات الغضب. إن هذه اإلثارة الشديدة جدا املستخدمة من اجلسد جتعل من الدخول يف النوم واالستمرار فيه أمرا صعبا. فاملصدومون أو الذين يعانون من اضطرابات الضغوط التالية للصدمة حيتاجون فرتة أطول من املعتاد للدخول يف النوم ويتكرر استيقاظهم يف الليل املشكالت النامجة عن معاياة حدث صادم إىل جانب اضطراب الضغط التالية للصدمة ميكن مالحظة اضطرابات نفسية أخرى كاضطرابات القلق واالضطرابات االكتئابية. وغالبا ما يقود فرط اإلثارة اجلسدية إىل أوجاع وشكاوى جسدية. وألن كثري من املعنيني غالبا ما حياولون السيطرة على ذكرياتهم املؤملة وفرط التوتر الداخلي بوساطة الكحول أو األدوية فإنهم غالبا ما ينزلقون يف دائرة فرط استهالك الكحول أو سوء استخدام األدوية ردود أفعال طبيعية على أحداث شاذة ميكن الضطرابات الضغوط التالية للصدمة - وبشكل خاص عندما يتعلق األمر خبربة غري متوقعة كلية ومرهقة بشكل متطرف - أن تظهر عند الناس الذين كانوا قبل ذلك أصحاء كلية أي حتى عند الذين مل يكونوا قبل الصدمة ميتلكون دالئل على 33 سامر رضوان )حمرر(

41 اجلزء األول وجود اضطرابات نفسية أخرى أو استعدادا مسبقا لإلصابة بشكل من أشكال االضطرابات النفسية. وتظهر عالمات اضطرابات الضغوط التالية للصدمة يف العادة خالل ثالثة أشهر بعد احلدث الصادم. وميكن هنا أن يأخذ جمرى االضطراب الشكل احلاد أو املزمن. فإذا ما استمرت األعراض لفرتة تتجاوز الثالثة أشهر فإننا نتحدث عن جمرى مزمن. كما وميكن لألعراض أن تظهر بعد فرتة طويلة نسبيا قد تبلغ الستة أشهر بعد فرتة تكون خالية متاما من أعراض االضطراب. ويف هذه احلالة فإننا نتحدث عن البدء املتأخر لالضطراب ما الذي ميكن فعل ميثل إرشاد أو عالج استجابة أو اضطراب الضغط ما بعد الصدمة عبئا كبريا وهو أصعب بكثري مما ميكن أن يتصوره املرء حتى وإن كانت )بداية( بنية حسنة حيث جند عشرات املتطوعني من املتخصصني ولكن أكثر من غري املتخصصني. وحتتاج إىل الصرب بشكل خاص والتفهم وذلك خالل وقت طويل. القرار يتخذه املعين وبالتحديد ليس هو نفسه وإمنا حالته الواقع حتت رمحتها. ومن بني النصائق العالجية اليت قد تبدو ال قيمة دا إال أنها ذات فاعلية عالية هي احلركة بأي شكل أي ليس»جمرد احلركة اجلسدية وإمنا كذلك التحدث- التحدث - التحدث«. فهذا ميكن له أن يساعد يف تهديم االزدحام الداخلي )احلصار السيكو حركي(. وميكن تنفيذ احلركة اجلسدية يف أي وقت على الرغم من أننا قلما منارسها. وباملقابل فقد يصعب احلديث يف بعض األحيان أو يتم جعله صعبا. إذا أنه عندما يدور احلديث باستمرار حول املشكلة نفسها وإشعال األعراض نفسها فلن يعود يف النهاية هناك من يسمع. 44 Samer Rudwan (Editor)

42 اضطرابات الصدمة النفسية ويف مثل هذه احلالة يتحدث املرء بصوت خافت مع نفسه وهذا أفضل من بلع هذا وجعله يفرتس كل شيء يف الداخل. ومن خالل هذين اإلجراءين يستطيع غالبية املعنيون أن تتحسن إىل حد ما. غري أنه يف احلاالت الشديدة حيتاج األمر إىل معاجلة نفسية داعمة إىل معاجلة دوائية يف مقتضى احلال وبشكل خاص ضد اضطرابات النوم وعدم االستقرار الداخلي واستجابات الفزع واالكتئاب. ولكن على املعاجل غالبا أن يتحمل كممثل بالنيابة ملا تشكو منه الضحية يف حريتها»كظلم ال مثيل له«: ملاذا أنا بالتحديد من حيصل له هذا. وهذا األمر ليس سهال مبكان إنه حيتاج إىل أعصاب وخربة هل تزداد اضطرابات الضغط ما بعد الصدمة من البديهي أن تزداد اضطرابات الضغوط التالية للصدمة يف أوقات احلروب واألزمات وأحيانا بشكل انفجاري. إال أنه عادة ما ال يتم االهتمام بها يف هذه األثناء ألن عدد املعنيني كبري جدا وعدد املساعدين واملعاجلني قليل. ويف مثل هذه احلاالت ال يتم تقديم إال املساعدة الضرورية والالزمة فقط ويف اجملال النفسي أيضا. كما أن»املصيبة اجلماعية«تقدم للمعنيني نوعا من املواساة فكثري منهم يعاني من املصيبة نفسها. أما يف أوقات السلم فإن اضطرابات الضغوط التالية للصدمة تكون قليلة نسبيا إال أنها تكتسب من خالل احلاالت الفردية املتفرقة اهتماما كبريا يف بعض األحيان من حنو االختطاف على سبيل املثال أو حاالت االغتصاب والعنف اجلسدي الفردي وحاالت متفرقة متنوعة. وقد يبدو االهتمام بضحية معينة نوع من الظلم إذا ما نظرنا للعدد الكبري من الضحايا الذين قد تكون حالتهم مشابهة أو حتى أسوأ وال يلقون املساعدة الضرورية إال أن لألمر مزية تتمثل يف لفت أنظار اجملتمع إىل هذه الظاهرة. 41 سامر رضوان )حمرر(

43 اجلزء األول فمن خالل ذلك ميكن للشخص غري املعين أن يتعرف بشكل أفضل على هذه الظاهرة وأن يشكل مساعدة قيمة يف مقتضى احلال أكرب بكثري مما لو كان ال يعرف وواجه فجأة واحدة من الضحايا اليت تعاني أكثر من خالل فقدان تفهم احمليط. املهم إذا توفري املعارف األساسية املناسبة وإرادة املساعدة والتسامق والصرب وبشكل خاص احتياطات الطاقة من أجل جتاوز هذا األمر يف مقتضى احلال على املدى املتوسط. دذا ميكن أيضا أن يكون مفيدا حتى بالنسبة للمعاجلني جبعل األقارب واألصدقاء أو حتى الزمالء الذين يرافقون الضحية ليال ونهارا يتحملون جزء من املساعدة ويقدمون الدعم. إذ أنه على املدى الطويل لن يدفع الثمن املعين لوحده فحسب بل حميطه القريب أيضا الذي سيتحمل مثل هذا الضغط املتطرف لفرتة طويلة. وعن ذلك تنجم بعدئذ يف احلاالت األسوأ»ضربات قدر«أخرى أي صحة نفسية وجسدية مزعزعة وتهديد للحياة الزوجية واخلسارة املهنية أو حتى الفشل. على املرء يف كل اضطراب يعقب الصدمة أن ميتلك نفسا طويال وأن ينظر للمستقبل. وعلى الرغم من أن هذا األمر ليس نفسه مع كل ضحية إال أن القاعدة تقول انتبه للصامتني أو للذين أصبحوا صامتني. فالصمت خطري وما جييش يف الداخل أخطر. املعاجلة النفسية الضطرابات الضغوط التالية للصدمة -1.8 غالبا ما يعيق جتنب كل ما يذكر باخلربة الصادمة حماولة البحث عن املساعدة املتخصصة األمر الذي يقود إىل أن يأخذ االضطراب الشكل املزمن. إال أنه على الرغم من ذلك فقد أثبتت دراسات علمية متعددة أن العالج النفسي غالبا ما حيقق النجاح يف كثري من احلاالت.وتكمن الصعوبة اخلاصة يف املعاجلة النفسية الضطرابات الضغوط التالية للصدمة يف خطر قطع املعاجلة من قبل املعنيني ذلك أن توجيه االهتمام إىل الصدمة غالبا ما قد يرتبط بازدياد األعراض سوءا لبعض الوقت. ومن هنا فإنه من املهم جدا بالنسبة ملعاجلة 42 Samer Rudwan (Editor)

44 اضطرابات الصدمة النفسية هذا النوع من اضطرابات أن يتم إيضاح طبيعة هذا النوع من االضطرابات للمرضى والتصور العالجي وجمرى املعاجلة. ويطلب من املرضى يف جمرى املعاجلة قدر اإلمكان تصور مواقف اخلربة الصادمة بكل أفكارهم ومشاعرهم وأحاسيسهم اجلسدية وكأن هذه اخلربة حتدث دم اآلن ووصف هذه اخلربة من خالل الكلمات. ومن خالل هذه التقنية ميكن متثل اللحظات املؤملة بشكل خاص. وبالتالي تقود املواجهة مع الذكريات الصادمة اليت تدار من قبل املعاجل النفسي بطريقة مهنية مضبوطة إىل تراجع األعراض النامجة عن الصدمة. وميكن اختيار أساليب عالجية خمتلفة أو التوليف بني أساليب عالجية خمتلفة وذلك حسب طبيعة احلالة الفردية وطبيعة اخلربة الصادمة اليت تعرض دا الشخص. ومن الطرا اليت تستخدم هنا على سبيل املثال احملادثات العالجية اليت تهدف للتغلب على دور الضحية واليأس وفقدان السيطرة أو لعب األدوار)السيكودراما( أو املواجهة التدرجيية واملتكررة املوجهة عالجيا مع احلدث الصادم واليت يتم أيضا تسجيلها على شريط تسجيل من أجل أن يعيد املريض االستماع إليها يف البيت يف الفرتة الفاصلة بني اجللسات العالجية. كما وميكن استخدام التمرن على طرا االسرتخاء واليت ميكن أن تساعد املرضى أيضا. وهو ما سيتم التطرا له بتفصيل يف الفصل التالي باإلضافة إىل العرض املفصل إلحدى الطرا القدمية-اجلديدة يف معاجلة الصدمة ثبتت فاعليتها يف العالج النفسي وميكن أن تالءم بيئتنا العربية من الناحية االقتصادية والعملية. 43 سامر رضوان )حمرر(

45

46 الفصل الثايي منكوبون يف احلرب: صدمة يفسية أم أكثر من ذلك بكثري د. مطاع بركات مقدمة قبل العدوان الصهيوني على لبنان يف عام 2446 كانت خربتي مع املصابني بالصدمات النفسية مقتصرة على بضع حاالت هنا وهناك تراجع العيادة النفسية مبعدل غري كبري. كا ن مع ظم هذه ا حلاال ت ينجم ع ن حو ادث اس تخد ام العنف يف األس ر ة أو حاالت الوفاة املفاجئة وفقدان شخص حمبوب أو حاالت خسارة مادية كبرية ومفاجئة ورمبا طالا مفاجئ. ومع أن إقامة الضيوف اللبنانيني يف سورية كان قصريا إال أنين واجهت للمرة األوىل عمليا حاالت من الصدمات النفسية املركبة اليت اجتمعت فيها عناصر تهديد حياة الفرد مع فقدانه ألقربائه وأمالكه مع اضطراره للفرار من مكان األحداث إىل مكان بعيد وآمن. وشعرت آنذاك بأن األمر خمتلف متاما عما اعتدت التعامل معه من الصدمات النفسية قبل ذلك لكن اخلربة اليت رافقت جلوء اإلخوة العراقيني إىل سورية كانت أشد تأثريا وعمقا أستاذ مساعد في قسم اإلرشاد النفس- كلية التربية جامعة دمشق 45

47 اجلزء األول فشاهدت حاالت من الصدمات النفسية اليت مل أتصورها من قبل وكان لعملي مع النساء و األطفال أث ر ك ب ري على تفك ريي يف أمو ر الصدمة النف سية بشكل عام و يف م سألة العنف بشكل خاص. كا ن اع ت مادي األساسي على ما أع رفه م ن الن ظ ر يا ت الغ ر بية ا مل تعلقة مبعا جلة حاال ت الص دمات النفس ية كنظري ة الع الج املع ريف االنفع الي CBT أو طريق ة EMDR اليت استخدمتها مع احلاالت الفردية وجها لوجه يف بعض األحيان وعرب االنرتنيت يف أحيان أخرى بدرجات متنوعة من النجاح. لك ن ظ روف اللجوء و ا إلقامة غ ري ا مل س تق ر ة و الضغوط الشد يد ة ا مل ر ك بة النامجة ع ن الصدمة النفسية من طرف وكذلك عن استمرار أحداث احلرب احلامسة عموما يف حياة الالجئني العراقيني جعلين أفكر مع مرور الوقت وتراكم اخلربة بشكل خمتلف فاملعاناة مل تعد مقتصرة على صدمة نفسية سببها حادث حاسم يف احلياة ولكن فقدان شعب لكل ما كان ميلكه يف السابق من مقومات احلياة )على تفاوت تقييم هذه املقومات( و اال نغ ما س بشكل ق س ري يف ظ روف حيا ة بال مقوما ت ي ظنها الو احد منهم مؤق تة وال يعرف كيف ومتى وأين ستنتهي. وحتى مصطلق الصدمة النفسية املركبة مل يفسر لي متاما ما الذي حيدث يف أعماا اإلنسان املصدوم باحلرب. ومع أن األدبيات زاخرة يف وصف ما جيري للمقاتلني من الصدمات اليت تصيبهم عند مشاركتهم يف احلروب لكن القليل من املعلومات متوفر عن ما جيري للمدنيني أثناء احلرب ورمبا يعود هذا يف جزء كبري منه إىل أسباب سياسية حبتة فتوصيف أعراض معاناة املدنيني يكاد أن يكون هو يف ذاته وثيقة إدانة لكل حرب ولكل مسبب للحرو ب وهو يشكل نوعا م ن ا ملعلوما ت غ ري ا مل رحية جلهات كثرية هي نفسها اجلهات املستفيدة من احلروب وهو ما حياول إعالم الدول األكثر تسببا يف احلروب أن يعتم عليه ويهمشه. إنه ملن الواضق أن عدد الدراسات اليت تتناول 46 Samer Rudwan (Editor)

48 اضطرابات الصدمة النفسية توصيف أعراض الصدمات النفسية الناشئة عن الكوارث الطبيعية هو أكرب بكثري لألسف من عدد الدراسات اليت تتناول معاناة اإلنسان أثناء احلروب ويف خميمات التهجري أو يف بلدان اإلقامة املؤقتة رغم كثرة احلروب يف الفرتة األخرية وتزايد أعداد املتعرضني دا. ومن هنا جند إضافة إىل ذلك أن هناك كثريا من األدلة (Manuals) اليت تصف تتابع العمل العالجي لتدبري حاالت الصدمة أثناء الكوارث الطبيعية باملقارنة مع عدد األدلة اليت تصف طريقة التعامل مع ضحايا احلروب وال يكاد املختص الذي يريد العمل لتقديم املساعدة النفسية يف هذه احلاالت جيد ما يدعمه ويسدد خطاه من التجارب العلمية واملناهج العالجية للعمل مع متعاجليه. يف ظل هذه الظروف اضطررت للمزج بني تقنيات خمتلفة ملواجهة مساحات خمتلفة من ا ملشكال ت ال يت يعا ني منها الال ج ئ الع ر اقي. وهكذ ا ولد ت لدي فك ر ة جماال ت ا حليا ة املختلفة وتأثري الصدمة واللجوء معا على حياة املصدوم يف مراحل عمرية خمتلفة. وخالل الفرتة الواقعة بني عام 2446 و 2443 فإنين استخدمت املفاهيم الواردة يف هذا الفصل تدرجييا للتعامل مع املشكالت النفسية اليت يعانيها اإلخوة العراقيون مشكالت ليس من النادر أن يشعر بعضهم أنها سرقت منهم حياتهم بكل معنى الكلمة ومل متنحهم باملقابل حياة جديدة بل وضعتهم يف حالة من انعدام الوزن والتوازن واالستقرار بشكل جعلين أطلق على معاناتهم تسمية "متالزمة السكنى على احلقائب" اليت جنمت باإلضافة إىل الصدمات اليت عانوها أثناء احلرب من اغتصاب لنسائهم أو خطف أو فقدان مريع ألحبائهم وممتلكاتهم عن غموض مصري مكان سكنهم وطول مدة انتظارهم وانقطاع املوارد ا ملاد ية لقضاء اح تيا جاتهم األساسية. ال يع رف الال ج ئ الع ر اقي طعم االس تق ر ا ر يف هذه املرحلة فال أمل يفرحه وال يأس يرحيه وكثري منهم ال جيرؤ على العودة إىل بلده خوفا على سالمته وسالمة أسرته من استمرار أعمال اخلطف والسلب والرتهيب اجلماعي وال يع رفو ن م تى و كيف ميك ن دم ا حلصول على ا حلق يف إقامة يف بلد ا ن أخ ر ى. يطول 42 سامر رضوان )حمرر(

49 اجلزء األول االنتظار وتتعاظم املعاناة ويقوم الالجئ بصرف كل مدخرات حياته وهو يف هذه احلالة م ن ا نعد ام ال رؤ يا بشأ ن ا مل س تق بل. و يرت افق هذ ا لألسف مع حاال ت م تك ر ر ة م ن ا إلح باط الشديد الناجم عن بروز فرصة أو أمل لدى الالجئ للحصول على موافقة أو تأشرية جلوء إىل أحد البلدان )غالبا الغربية( وذلك من خالل منحه فرصة ملقابلة جلان تؤلفها السفارات يف العادة أو مقابلة جلان ضمن مفوضية شؤون الالجئني ويعود الالجئ عندها مرتعا باألمل بأن يكون الرد إجيا بيا و ين ت ظ ر هذ ا ال رد شهو ر ا و شهو ر ا ثم يأتي ال رد ( ك ما يع رب عنه ا إلخو ة الع ر اقيو ن بلهج تهم ) : جا نا رفض... ي ردد األ ب هذ ا القول يف ال بيت على م س مع م ن األطفال والزوجة وكثريا ما ينتقل أساه وغضبه وإحباطه إىل أهله الذين كانوا غالبا قد تلقوا وعودا كثرية وخاصة ل ألطفال م ن م ثل : )عندما حنصل على اللجوء يف الدولة الفالنية فسيكون يف إمكاننا حينذاك أن نشرتي لك ألعابا ثيابا أو أن تعود للذهاب إىل املدرسة 1 أو أن تلتقي بأبناء عمك أو حتى بإخوتك الذين سبقوك إىل هناك(. حدثين أطفال عراقيون عن أن مثل هذه األيام اليت يتلقى فيها األبوان اخلرب برفض منحهما اللجوء هو من أسوأ األيام اليت يعيشونها يف حياتهم األسرية. وصفوا لي حزنهم على أهلهم وعلى الوعود املفقودة اليت مت رمسها يف حياة جديدة بعيدا عن احلرب وعن الفقر واملعاناة. فلو أردنا أن نقدر حجم الظاهرة اليت نراها اآلن على منكوبي احلرب فهل من العدل أن نضعها يف نفس سوية الصدمات النفسية اليت مير بها اإلنسان خارج حاالت احلرب وهل االضطرابات اليت تظهر عند استمرار أعراض الصدمة هي نفس االضطرابات اليت نتحدث عنها عادة باسم اضطرابات الضغوط التالية للصدمة هل ميكن إطالا تسمية واحدة بكلمة الرض أو الصدمة على حادثة مرورية وعلى تعرض اإلنسان هو وأهله وشعبه وبلده لنكبات حرب مع العلم أن املدارس السورية قد فتحت أبوابها لألطفال العراقيني ملتابعة دراستهم بأعداد غفرية وأدجمتهم مع األطفال السوريني ملساعدتهم على التكيف مع ظروف حياتهم اجلديدة وجتنيبهم خسارة فرص التعلم. 49 Samer Rudwan (Editor)

50 اضطرابات الصدمة النفسية تدوم سن ني في ما يلي وعلى س بيل ا مل ثال أع رض بعض األحد اث الصادمة ال يت تع رض دا أطفال عراقيون حصلت عليها من العمل مع واحدة من اجملموعات العالجية اليت تشكلت خالل عام 2449 من 14 طفال عراقيا )من اجلنسني وبأعمار تراوحت بني 9 و 12 عاما (. مقتل األم مقتل األب رؤييت االعتداء على أهلي بالضرب االعتداء على أحد أهلي بالكالم املهني إصابيت حبروا أو جروح تلقي رسائل التهديد )على احليطان أو الباب( سجن اآلباء لدى الشرطة ختريب املمتلكات ال يت ختص أس رتي ( احملال ت ال ز جاج األثاث ) مساعي األصوات العالية لالنفجارات واملدافع اقتحام املنازل )منزلنا أو منزل جرياننا( قتل األطفال الذين أعرفهم سرقة بيتنا سرقة سيارتنا قتل اجلنود رؤية الناس املصابني تعرضي أنا لالختطاف اختطاف األطفال الذين أعرفهم إطالا النار علينا وإصابتنا بالرصاص قتل أحد إخوتي التعرض للضرب والتعذيب أثناء فرتة كوني خمطوفا عدم القدرة على الذهاب للمدرسة بسبب احتمال تعرضي للخطف انفجار السيارات يف احلي الذي أسكن فيه أو فيه مدرسيت مشاهدة موت الناس قتل الناس رؤية املقاتلة مباشرة عدم فهم اإلجراءات األمنية. ليست هذه القائمة من احلوادث إال أشياء تعرض دا هؤالء األطفال األربع عشر. حوادث مل يك ن م ن الناد ر أ ن أمسع أ شد منها وأ ك ث ر عنفا يف جم موعا ت أخ ر ى م ن ال ر ا شد ي ن أو األطفال يف اجللسات اجلماعية أو يف اجللسات الفردية. كل هذا دفعين للمزيد من التفكري يف طريقة لتفسري وتصنيف الصدمات النفسية واضطرابات ما بعد الرض الناجم عنها بطريقة تعطي تنوعا أكرب. ال أزعم بأن احلادث املروري ليس حدثا صادما مهما وأليما لكنه خيتلف متاما يف تأثريه عن وقوع بلد كامل بشعبه حتت احلرب. إنها احلرب سواء كانت يف القرن العشرين أم القرن احلادي والعشرين. سواء أكانت يف مصر أم يف لبنان أم يف العراا أم يف فلسطني. إنها احلرب اليت تصيب البشر و احلجر بل إنها 43 سامر رضوان )حمرر(

51 اجلزء األول تصيب حتى احليوانات. يف تسجيله لألحداث األليمة اليت مر بها أهالي شط قناة السويس قبل وأثناء وبعد حرب 1362 يصف الشاعر املصري عبد الرمحن األبنودي يف ديوانه )وجوه على الشط( 1 ما حيدث من عدة وجهات نظر لعل من أطرفها وأكثرها إبداعية ونفاذا إىل ما جيري يف الصدمات النفسية ما وصف به احلالة النفسية لكالب القرية اليت غادرها أصحابها وتركوها دون سبب مفهوم )من وجهة نظر الكالب..(( تركوها دون رعاية ودون سابق إنذار تركوها لعامل اختلت فيه املوازين ومل تعد فيه قوانني. ومن املدهش كم اس تطا ع الشاع ر أ ن يصف بدقة أع ر اض الصدمة النف سية ك ما نق رأ عنها يف الك ت ب العلمية التخصصية لكن بلسان الشعر واملشاعر. ويالحظ الشاعر شبه احليوانات بالناس يف ظروف احلرب تشابههم يف األعراض اليت يعيشونها ويف االضطرابات اليت يصابون بها. هاج روا الفالحني م الشط بني الصيف والش تا كان منظر مرعب بصحيق تسعميت كلب بأوالدهم دايرين يف القرية جمانني يبحثوا ع البين آدمني ويبصوا يف وشوش بعض لسا ما كانش الضرب ابتدا واالشتباكات فني الناس.. يف العياييل والرجالة.. فني األطفال.. نلعب مع مني جنري مع مني األبنودي عبد الرمحن )2441( وجوه على الشط دار أطلس للنشر واإلنتاج اإلعالمي الطبعة اخلامسة القاهرة. 54 Samer Rudwan (Editor)

52 اضطرابات الصدمة النفسية استغراب مع دهشة وجنون صدقوا ملا أقول إن كالب بصت يف عينيا كتري تسألين حبرية حقيقية عن معنى احلاصل ف إيه اللي جرى يف الكون أي قانون اللي كان ماشي.. واللي حل مكانه.. أي قانون الشط أصابت هذه الدهشة والذهول الكالب قبل أن تبدأ االشتباكات وبعد رحيل أصحابها التجأت إىل عساكر اجليش املصري الذي انتشر أفراده يف القرية وذاك ألنها ال تستطيع احلياة دون اإلنسان.. وهنا يصور لنا األبنودي اختفاء إيقاع احلياة العادي لدى املصدومني وظهور إيقاع حياة جديد مضطرب مرتقب حيلم فيه املصدوم بالعودة إىل إيقاع حياته السابقة دون جدوى مما يذكرني مبتالزمة السكنى على احلقائب اليت ذكرناها قبل قليل.. ختتفي كثري من مظاهر احلياة السابقة بل أحيانا ختتفي قدرة األسرة على لعب أدوارها املعتادة فاألمهات يبحثن بني املنظمات الدولية عن مساعدة مادية أو قانونية واآلباء غري قادرين على العمل )ألن القانون ال يسمق دم مبمارسة العمل( فيفقدون إيقاع حياة األب الذي يعمل ويعيل ويشرتي مما جيعله ينسحب يف حاالت معينة حنو املقاهي للعب الورا أو ليقضي معظم وقته يتابع برامج التلفزيون يف ضوء عجزه احلالي عن فعل أي شيء مفيد. 51 سامر رضوان )حمرر(

53 اجلزء األول قعدت 1 مستنية شيء غامض زي الشبان 2 اللي مستنيني لكن كانت وكإنها جمزوزة منها التواريخ.. كإنها جاية من اد و كالب من غري ذكرى وال طفولة وال أرض كالب وكإنها مش مرتبية مع بعض نست النبق ونست العض ونست ازاي على صاحبه جيري الكلب ويتشعلق.. يف ميعاد العودة من سفرية أو العودة من األرض اتقطع اخليط يرحم أيام اجلري على الشارع االسفلت واإلتسلي مع بعض على األلفني حيط وبأوجز وصف وأبلغه يصف لنا الشاعر حالة العجز املكتسب Helplessness اليت تقع فيها الكالب إىل درجة تذكر بالوصف الذي قدمه مارتني سيليغمان يف جتاربه على تعليم الكالب العجز وتذكر كذلك بوضع بعض الضيوف العراقيني الذين مكثوا يف بيوتهم )يف بلد اللجوء املؤقت( شهورا طويلة ال خيرجون منها حزنا وكمدا ويأسا وقلة حيلة.. فضلت كلبة فتحية قدام الباب حتت البيت املهجور حتت اليامسينة ادايشة احملزونة ال أكل بتاكل وال شرب بتشرب زي مداس مقلوب دافنة دماغها يف الطوب إذا جات الشمس عليها ما تنقلش على الضل حلد املغرب ما حيل أي الكالب اجملندين 52 Samer Rudwan (Editor)

54 اضطرابات الصدمة النفسية الدمعة ف عينها ومهزومة وقاعدة ثم يأتي وصف مرحلة االستسالم واختفاء األمل بأن يكون ما جيري حودا جمرد تغيري مؤقت أو حلم مرعب يصحو منه املرء ليعود إىل واقعه من جديد. وهنا يربز حنني املصدوم إىل ذ ك ر يا ت ما ق بل الصدمة و إىل األفعال ا ملع تاد ة اليومية ال يت كا نت تن ظم حيات ه السابقة.. مات فيها مسافة شهر أمل عودة أيامها املاضية ف أيامها اجلاي ة ووقع من عينها حلم رجوع فتحية أو إن امل صفى ترجع فيها املية أو إن املي ة تاني يبقى فيها مسك متسكه هيه وإن البغل يرفس والفرسة حترن يف احلوش وتقوم تنبق هيه. وانها يف الصبق البدري تطلع ويا األوالد الراحيني ع املدرسة حلد اما ينطوا يف االوتوبيس ويف مقطع آخر يصف األبنودي الرعب الذي يصيب الناس واحليوانات عندما تدور األحداث احلامسة من حودم أحداث احلرب القصف وخطر املوت املنتشر هنا وهناك. وهنا ال ميلك املرء إال أن يطرح أسئلة تظل بال جواب.. ملاذا حيدث هذا كله ملاذا حيدث هذا لي بالذات أين اهلل وكيف يسمق مبطلق قدرته دذا أن حيصل لألطفال ما هذا العامل الظامل وغري املفهوم 53 سامر رضوان )حمرر(

55 اجلزء األول الضرب وساعة كانت الكلبة أول ما تشم الدانة 1 األوالنية أو تسمع صوت طيارة ري كانت تطلع عاملخبأ ج البيت أما كلبة فتحية فتجري على قلب الضرب لكن يف املخبأ ملا كان يشتد كنا نالحظ إن اسنان كلبة أم علي بتدا ف بعض الوقت وجسمها مرعود طول ورعب احلرب خوف م خوف من املوت اجملهول املنبع واللي مش بينز ل ليه عارفة بيت ليه يتهجر بيت ليه يتكسر ليه فجأة الكون أصبق مش مفهوم. مفهوم كانت جتبن قدام ال هذا.. املش ولئن استطاع األبنودي أن ينهي قصيدته الطويلة بإجياد املعنى عرب التشبث باألرض فإن كثريا من الالجئني العراقيني ما يزالون يبحثون عن املعنى لكل هذا الذي حدث.. ولكل ما يتوقع أن حيدث من دون جدوى. وحنن املختصون النفسيون واالجتماعيون ومقدمواملساعدة مدعوون للتخفيف عن ما أصاب هؤالء اإلخوة من مشاعر رهيبة وخسائر كبرية لكن كيف ميكن دذا أن يتم إن مل نسع حنن أيضا إىل أن نفهم معنى هذا كله يقولون أن املعنى اإلجيابي الذي يبحث عنه الف رد ا ملصدوم يف الصدمة النف سية الف رد ية يكو ن ف ر يد ا وف رد يا.. فهل يكو ن األم ر كذلك أيضا يف حال احلروب هل يظل املعنى فرديا أم أن من املمكن أن نصل يف هذا الشأن إىل معاني أخرى خمتلفة معاني قد تطال معنى حياة شعب كامل أو معاني تغري من نظرتنا لإلنسان وجتعلنا نفهم بشكل خمتلف طبيعة الذي حيدث له يف مواجهة هذا الظلم الشامل الذي يسمونه احلرب. نعم إنها ليست جمرد صدمات نفسية بل هي أحداث ينبغي أن يتغري معها الكثري مبا يف هذا نظرياتنا النفسية العتيدة. الدانة يف اللهجة الصعيدية تعين الصاروخ 54 Samer Rudwan (Editor)

56 اضطرابات الصدمة النفسية 1.1 التكيف اإليسايي يف ظروف احلياة املعتادة يظهر التكيف يف مناسبات حياتنا اليومية كلها يف صلتنا مبحيطنا الطبيعي أو االجتماعي أو الشخصي.والتكيف عملية سلوكية تستثريها تغريات معينة أو أحداث الشكل 1 حتدث يف احمليط الذي نعيش فيه ويكون الغرض 1 1 األساسي للتكيف هو العمل على حتقيق التوازن بني حاجات الفرد وبني هذه التغريات عن احمليطية. وإذا أردنا النظر يف العوامل األساسية اليت تؤثر يف التكيف فسنجد فيها ما يعود إىل حاجات الفرد وتكوينه اجلسدي ووضعه الفيزيولوجي وما يعود إىل خربات حياته وقدراته العقلية ومستوى معيشته إضافة إىل الفرتة الزمنية اليت يعيشها والظروف املفاجئة اليت يقع حتت تأثريها. وجند يف النهاية أن التكيف هو تعبري مباشر بعمق ال الصحة النفسية بل هما وجهان لعملة واحدة )الرفاعي 1392(. ولكي نفهم التكيف بد لنا أوال من أن ندرك عالقته بقضاء اإلنسان حلاجاته وحاجات اإلنسان كثرية ومتنوعة فبعضها جسدي وبعضها اآلخر اجتماعي أو روحي. ولكل حاجة إيقاعها اخلاص ودرجة إحلاحها ويكاد املرء يقول إن اإلنسان ال يكاد يفر من قضاء حاجة حتى تلق عليه أخرى.وحني تلق حاجة ما على اإلنسان فإنها تشعره خبلل أو توتر يف داخله كأمنا يذهب بتوازنه ويدفعه حنو البحث عن استعادة هذا التوازن من جديد. يف الشكل 1 توضيق لكيفية تطور التوتر املرافق لكل حاجة من حاجاتنا اإلنسانية 55 سامر رضوان )حمرر(

57 يأ ( اجلزء األول وهو ما يتم على أربع مراحل أساسية يف املرحلة األوىل يكون التوتر يف أدنى درجاته أن احلاجة مشبعة وال داعي ملزيد من إرضائها. (مثل هذا حيدث حني تكون املعدة ممتلئة فحتى منظر الطعام الشهي ال يثري لدينا رغبة أو توترا(. لكن يتغري احلال بعد زمن يطول أو يقصر حسب نوع احلاجة فيبدأ التوتر باالرتفاع تدرجييا ونبدأ بالشعور بهذا التوتر عند حد نسميه احلد األدنى للشعور بضغط إىل آخر). وبعد أن يشعر يؤجل احلاجة (وهو خيتلف من شخص الفرد بهذا التوتر يبدأ البحث عن أفضل سبيل ملواجهته )وأحيانا البحث فيه إن كانت احلاجة غري ضاغطة كأن نؤجل الطعام النشغالنا مبكاملة هاتفية هامة) لكن حني يشتد التوتر يقوم الفرد بسلوك ما إلرضاء هذه احلاجة )ألنه إن مل يفعل فإن التوتر يصبق مؤملا ومكدرا( وحال قيامه مبثل هذا السلوك يبدأ التوتر تدرجييا يف االخنفاض فإذا وصل اخنفاض التوتر درجة معينة فإن الفرد يكف عن السلوك الذي كان يقوم به لتخفيف التوتر )كأن يتوقف عن الطعام بعد الشعور بالشبع) ومثل هذا املنحنى املنتظم هو نادر احلدوث يف الواقع فأحيانا يكون القيام بالفعل املخفف للتوتر متاحا )كأن نكون يف البيت عند الشعور باجلوع وبالتالي فال مشكلة يف إعداد الطعام حتى قبل أن يبلغ التوتر أوجه( ولكننا قد نشعر باجلوع وحنن يف مكان بعيد عن أي مصدر للطعام ويف هذه احلالة يتأخر الفرد ملزما عن إسكات جوعه الذي يعلو صوته موترا الفرد أكثر فأكثر.وهكذا كلما كان للفرد نظام حياة أدا كان منحنى قضائه حاجته أقرب لالنتظام وأكثر شبها باملنحنى املعروض يف الشكل 1. لكن الواقع العملي يف احلياة اإلنسانية هو أشد من هذا تعقيدا فحاجاتنا كثرية متنوعة ولكل منها إيقاع خاص قد يكون منتظما أو ال يكون وهي كلها تضغط على الفرد لكي تشكل سلوكه الذي هو استجابة لضغوط حاجاته املختلفة )انظر الشكل 2(. وال مينع هذا البعض من أن يكون عندهم القدرة على تنظيم أمور حياتهم ويسيطروا على عالقة متوازنة بني عاملهم الداخلي واخلارجي يف حني جيد البعض اآلخر 56 Samer Rudwan (Editor)

58 اضطرابات الصدمة النفسية صعوبة بالغة يف هذا.وتكاد أشكال السلوك املختلفة املنتظمة إلرضاء احلاجات املتنوعة تغدو منطا فريدا لكل إنسان فيما يعرف باسم" أسلوب التكيف" فالبعض يتخذ أشكال سلوك بسيطة ومباشرة إلرضاء حاجاته ويعتمد أسلوب الصراحة واملكاشفة يف حني يلجأ بعض آخر إىل اإلنكار أو إىل التكتم أو إىل اللف والدوران أحيانا إلرضاء احتياجاتهم )دون أن ينتبه إليهم أحد( وعادة ما يتعرف احمليطون بنا حبكم معايشتهم لنا فرتة طويلة إىل أسلوب تكيفنا ونتعرف حنن كذلك إىل أسلوبهم يف حني أننا جند صعوبة يف التنبؤ بأسلوب تكيف معارفنا العابرين أو اجلدد. ويكاد أسلوب التكيف املميز لكل فرد يشكل خطا معينا أو لنقل مستوى معينا من التكيف مييز سلوكه اليومي يف مواجهة حوادث احلياة العادية. 1.1 يتائج األحداث احلامسة يف تكيف الفرد يعتاد املرء إيقاعا يف حياته اليومية ال تربكه أحداث اليوم اخلارجية جديدها وقدميها وال تعيق إشباعه حلاجاته األساسية بالطريقة املعتادة. ميك نه أسلوب تكيفه من أن يبقى يف حالة سيطرة نسبية على جمريات حياته. وهنا يأتي احلدث الصادم وهو حدث يكون أكرب بشكل واضق من احلوادث العادية اليومية ويصعب على املرء أن 52 سامر رضوان )حمرر(

59 اجلزء األول يواجهه بطريقته املعتادة يف التكيف مما يهبط مبستوى التكيف عند الفرد إىل حدود دنيا ويشعره بالعجز وقلة احليلة يف مواجهة ما هو أكرب من طاقاته بكثري. هذا ادبوط يرتافق مع ما نسميه أعراض الصدمة: املفاجأة والذهول واملشاعر القوية املتناقضة )قلق وغضب وشعور بالذنب وغريها( وتشتت القوى وانعدام القدرة على تلبية احلاجات األساسية لل م رء. و يع ت رب هذ ا رد فعل ط بيعي يف ضوء ال ظ روف غ ري الط بيعية ال يت تل حق باحلدث الصادم 1 ويستمر األمر على هذا احلال ملدة زمنية تطول أو تقصر حسب اخلسائر اليت حيملها معه احلدث الصادم وحسب ردود الفعل احمليطية لدعم الفرد أو األفراد املصابني بالصدمة وهكذا يصل التكيف إىل أدنى مستوى له ليعاود االرتفاع بشكل تدرجيي ويعاود اإلنسان بعد ذلك السيطرة على نفسه ومشاعره ويستعيد القدرة من جديد على قضاء حاجاته. وميكن ملستوى التكيف بعد الصدمة أن يأخذ واحدة من ثالث وضعيات ممكنة: الوضعية األوىل يعود مستوى التكيف بعد الصدمة إىل حالته اليت كان عليها قبل الصدمة إن املرء يف هذه احلالة ال يتحسن وال يرتدى يف أسلوب تكيفه وهذا مرهون بقوى الفرد وطاقاته االحتياطية ومرونته واستمرارية وحجم األضرار اليت رافقت الصدمة مبا ميكن الفرد من أن يتجاوزها ويعود إىل سرية حياته السابقة. هذا يعين أن الصدمة متر بهذا الشخص كما لو كانت )سحابة ومرت( تعود حياته بعدها لسريها املعتاد. شكيب مصطفى )2443(: األطفال والكوارث دليل األطباء للرعاية األولية كتيب وزع للفرا الطبية أثناء وبعد العدوان على غزة Samer Rudwan (Editor)

60 اضطرابات الصدمة النفسية الوضعية الثانية مرحلة الصدمة يرتفع مستوى التكيف يف مرحلة ما بعد الصدمة )مصداقا للقول الشهري بأن الصدمات اليت ال تقصم الظهر تقويه( ويف هذه احلالة حتسن الصدمة من أسلوب تكيف الفرد رغم ما فيها من قسوة وخسارة مؤقتة بسبب زيادة متسك الفرد املصدوم باحلياة وشعوره بقيمة األفراد واألشياء احمليطة به وتتحسن عالقته بكل منهم بشكل ملحوظ ورمبا يعود هذا أيضا إىل اكتشاف اإلنسان املصدوم ملعاني إجيابية كانت غائبة عنه يف مرحلة ما قبل الصدمة كازدياد الشعور بالقيمة الذاتية وقيمة الدعم االجتماعي واألسري ومثل ذلك الوضعية الثالثة وفيها خي س ر الف رد م ن م س تو ى تكيفه الذي كا ن ي ت م تع به ق بل الصدمة فيضط ر ب ترتيب أولويات احلاجات األساسية لديه ورمبا يلحق مثل هذا بالقيم اليت يعتنقها فيما يكاد يشبه نكوصا إىل أسلوب تكيف أقل نضجا.. إنه يعود إىل قضاء حاجاته ولكن تتغري نظرته إىل نفسه وإىل العامل من حوله بشكل سليب تتغري فلسفته يف احلياة ورمبا يتغري من شخص متفائل إىل شخص متشائم ويتغري أسلوب تفكريه ومواجهته ملشكالت احلياة اليومية فيما بعد إىل شكل أقل تكيفا. 53 سامر رضوان )حمرر(

61 اجلزء األول منطقة محايدة ضبط ذاتي كامل )ضبط ذاتي وخارجي( منطقة الالضبط ملزيد من فهم تأثري الصدمة علينا أن نفهم هنا مسألة قدرة اإلنسان على ضبط شروط احلياة من حوله. 1.3 ثالث مساحات للضبط يف حياتنا 3 يبدأ اإلنسان حياته عادة يف حالة من العجز الكامل فهو يسبق يف جمال الالضبط الوليد ال يستطيع أن يفعل إراديا أي شيء يف حميطه حيث أنه يستجيب ال إراديا لكل شيء تقريبا : عندما يبكي تأتي أمه إليه وهذا ال يعين أبدا أنه يسيطر على قدوم أمه فبكاؤه استجابة ارتكاسية لألمل ولكل ما يزعج راحته.. إن البكاء ليس بالنسبة إليه فكرة هذا التصنيف مأخوذة بتصرف عن مارتني سيليغمان )2444( التفاؤل املتعلم منشورات دار جرير. 64 Samer Rudwan (Editor)

62 اضطرابات الصدمة النفسية اختيارا شعوريا. ويف السنوات األخرية من حياتنا حيدث أن يرجع كثري ممن يعمرون منا إىل حالة عجز مشابهة حيدث أن نفقد قدرتنا على املشي وقد حيدث أن نفقد ما سبق لنا أن تعلمناه يف السنة الثانية من عمرنا أي القدرة على ضبط عملييت طرح الفضالت وهو تراجع يسبب حرجا وانزعاجا كبريا. وجيد كثري من املسنني أنفسهم يف حالة ال يستطيعون معها اختيار وإجياد الكلمات اليت تلزمهم يف مواقف معينة ويف مراحل متأخرة قد يفقد املسنون قدرتهم على الكالم بل حتى قدرتهم على توجيه أفكارهم والسيطرة عليها. إن الفرتة الطويلة الفاصلة بني مرحلة الطفولة املبكرة وبني سنوات احلياة األخرية هي عبارة عن عملية تطور مستمرة مبا فيها من إمكانات مد وجزر للخروج من حالة العجز عن الضبط باجتاه إحراز القدرة على الضبط والسيطرة على كل من الذات والبيئة احمليطة باإلنسان ويعين الضبط الشخصي القدرة على تغيري حال األشياء عن طريق السلوك املقصود وهو عكس الالضبط أو العجز. إذا سار كل شيء على ما يرام وإذا كانت حاجات الطفل املعنوية والفيزيائية حمققة ولو حبدها األدنى فإن السنوات التالية حتمل معها احنسارا كبريا يف الشعور بالعجز أي يف مساحة الالضبط مقابل تنام متزايد باستمرار ملساحة الضبط الذاتي. ونبقى يف كل األحوال فاقدي السيطرة على أشياء كثرية: لون جلدنا ومستوى ذكائنا واحلروب يف البلد الذي نعيش فيه. هناك باإلضافة إىل ذلك مساحة كبرية من السلوك والتصرفات هي مساحة ضبط مشرتك مساحة ميكن لنا أن منتلك بعض السيطرة عليها ولكنها تبقى كذلك حتت تأثري اآلخرين أو للحظ والصدفة. إنها إذا مساحة للضبط املشرتك وهي تتوقف على ما نفعله حنن من جهة وعلى ما يفعله اآلخرون من اجلهة املقابلة. تؤثر هذه املساحة بشدة على أسلوب تكيفنا يف حياتنا وعلى عالقاتنا باآلخرين على موارد رزقنا وبكلمة أخرى تؤثر على كل مظاهر وجودنا اليت ميكننا يف شأنها أن نقوم باالختيار بشكل طبيعي بدرجة أو بأخرى. 61 سامر رضوان )حمرر(

63 اجلزء األول إن األسلوب الذي ندرك من خالله هذه املساحة ميكن أن ينقص أو يزيد يف قدرتنا على السيطرة عليها. ومن املعروف أن أفكارنا ليست جمرد استجابات للحوادث من حولنا فلها تأثريها األكيد على جمرى احلوادث فيما بعد. إذا كنا نعتقد مثال أن ال تأثري لنا على مستقبل أطفالنا وما سيكونون عليه يف رشدهم فإننا سنكون يف عالقتنا بهم كاملشلولني من هذه الناحية. بل إن جمرد تفكري جمال أسري جمال صحي جمال اقتصادي جمال اجتماعي الشخص بأنه "بغض النظر عما أفعل فإنين غري قادر على التغيري" يشل سلوكه وهكذا نرتك السيطرة على أطفالنا ألترابهم أو ملعلميهم أو نعتمد على ما ستفعله الظروف. عندما نضخم عجزنا فإن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا يصبق حتت ضبط قوى أخرى غري قوة ضبطنا. ميكن لنا أن نالحظ أن يف حياة الراشد منا مساحات أساسية عدة يف احلياة وهيي تتفاوت من فرد إىل آخر بل وعند الفرد نفسه من عمر إىل آخر. لكن املساحات األكثر شيوعا هي مساحة احلياة األسرية ومساحة احلياة املهنية واالقتصادية )أو احلياة الدراسية قبل بدء العمل( ومساحة الصحة الفردية )اجلسدية والنفسية( وأخريا مساحة احلياة االجتماعية والدور االجتماعي الذي يلعبه الفرد فيها وخاصة عالقاته مع أصدقائه واجملموعات اليت ينتمي إليها ويشعر بأنها مجاعات مرجعية له. وميكن أن نالحظ كما 62 هو مبني يف الشكل رقم 5 كيف أن لكل جمال من هذه اجملاالت األربعة يف احلياة Samer Rudwan (Editor)

64 اضطرابات الصدمة النفسية مساحة خاضعة متاما للضبط الذاتي للفرد ومساحة للضبط املشرتك بينه وبني اآلخرين ثم مساحة غري خاضعة لضبط الفرد. وهنا ميكن لنا أن نرى كيف أن أحداث احلياة اليت تصيبنا يف مساحة الالضبط تؤملنا أقل من تلك اليت تصيبنا يف منطقة الضبط املشرتك بينما يكون األثر كبريا لتلك األحداث اليت تصيبنا يف منطقة الضبط الذاتي فتسلبنا القدرة على الضبط )الحظ السهم السميك يف منطقة الضبط الذاتي(. هذه اإلصابة يف منطقة الضبط الذاتي الشكل 6: اختالف شدة تأثر احلوادث حسب جمال هي إصابة تسبب الصدمة سواء كانت يف جمال احلياة األسرية أم الصحية أم االجتماعية أم االقتصادية واملهنية. وهي تتسبب لنا يف الشعور بأن )صورتنا عن العامل وعن أنفسنا( ليست صحيحة مما جيعل أساليب تكيفنا السابقة غري مناسبة وغري فعالة. 1.1 العوامل اليت تزيد النتائج السلبية للحدث الصادم مجيعنا نتعرض ألحداث صادمة بشدات خمتلفة يف مراحل حياتنا املتعاقبة ولكن استجاباتنا للصدمات ختتلف من فرد إىل آخر ومن ظرف إىل آخر ويعود هذا االختالف إىل مجلة من العوامل بينها ما يتعلق بالفرد نفسه وبينها ما يعود إىل خصائص احلدث الصادم نفسه ومنها ما يتوقف على الظروف احمليطة بالصدمة بشكل عام. وتبني الدراسات أن أهم العوامل اليت ترفع احتمال تفاقم آثار الصدمات ما يلي: 63 سامر رضوان )حمرر(

65 اجلزء األول ارتفاع اخلسارة أو األذى الالحق دا: كلما ارتفعت شدة األذى اجلسدي )كالبرت أو احلرا أو الكسور املركبة..اخل( واملادي )كفقدان املصادر املادية ومدخرات احلياة دفعة واحدة( واملعاناة النفسية )الشعور بالعجز والذنب واخلوف الشديد على احلياة وفقدان أشخاص مهمني يف حياة الفرد( املرافقة للحدث احلاسم زاد هذا من احتماالت فقدان أو حتطم إميان املصاب بقيم كانت أساسية لديه كفقدان مصادر التوازن واالستقرار النفسي الداخلي يف حياة الفرد. تعدد جماالت احلياة اليت تتأثر بهذه األحداث )األسرة العمل احلياة االجتماعية احلياة الصحية(. ومن أهم األحداث احلامسة اليت تصيب جماالت احلياة كلها: الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزالزل واألعاصري املديدة منها والسجن أو االعتقال. واحلروب درجة العجز أو مشاعر العجز اليت تثريها عند الفرد بعد احلدث وأثناءه. وخاصة تلك درجة الدعم االجتماعي )الرمسي والفردي( املتاحة للفرد أثناء احلدث وبعده. التعرض لتهديد جدي و مباشر حلياة الشخص نفسه أو حلياة أحد املقربني منه. طول فرتة التعرض للحدث الصادم )التعذيب واالضطهاد املستمر وتعدد االغتصاب(. 1.8 أين هو مكان الصدمة النفسية من هذا كل من الطبيعي أن يظهر تأثري الصدمة النفسية علينا بأشكال من السلوك ختتلف عما يظهر علينا عادة من سلوك يف املواقف الطبيعية. وهكذا فإن جوهر الصدمة هو يف أن نستجيب حلدث صادم من خالل ردود فعل طبيعية حتدث يف جسدنا )كاالرتعاش أو التعرا أو تغري احلساسية لألمل( وتظهر يف سلوكنا )الرعب أو الدهشة والتجمد( وتصيب طريقة تفكرينا )تطاير األفكار وتشتتها والشعور بالعجز( وهذه االستجابات قد تأتي 64 Samer Rudwan (Editor)

66 اضطرابات الصدمة النفسية مباشرة بعد احلدث أو تتأخر يف الظهور أو تظهر وتتطور بأشكال مفاجئة 1 ومن هنا فإن يف اإلمكان احلديث عن أن استجابات املصدوم متر بعدد من املراحل اليت قد تكون سريعة ومتداخلة فيما بينها وهذه املراحل هي: املفاجأة )الذهول( باحلدث الصادم دون أي فرصة لتجنبه التوتر الشديد والسلوك الذي حياول عبثا التخلص من املوقف )بطريق احملاولة واخلطأ( الشعور بالعجز وفقد الثقة بالنفس. االستسالم للعجز والكف عن التعامل مع املوقف والتفكري بطلب مساعدة اآلخرين استنهاك القوى استبطاء خطوات اآلخرين والشك يف جناحهم باملساعدة اخنفاض التوتر تدرجييا واالستسالم الكلي. وميكن يف العادة تصنيف ردود الفعل على الصدمة يف ثالث فئات أساسية مت عرضها يف مكان آخر من هذا الكتاب ولذلك سنرتك اخلوض فيها بالتفصيل ملكانه. 1- ردود الفعل االقتحامية Reactions) :(Intrusive وهي أفكار أو صور خمتزنة تقتحم وعينا دون إرادتنا أو قصدنا وتعيدنا إىل حالة االنزعاج والقلق املرافق للحدث الصادم بشكل غري مفهوم ملن حولنا مثل تذكر صور احلادث أو أصوات رافقته أو روائق مميزة له )كروائق احلريق( أو معاودة ختيل الكارثة بالكامل. 2- ردود الفعل التجنبية Reactions) (Avoidance : وتتجلى يف االبتعاد عن كل ما يذكر بالصدمة كاخلوف من الذهاب إىل مكان احلدث نفسه ورفض احلديث عن املوضوع بالكامل ويف احلاالت الشديدة يظهر التجنب على شكل إغماء ورمبا يبدو كردود فعل تفككية (Dissociation) تتجلى يف فقدان ذاكرة جزئي ورمبا كلي. شكيب مصطفى )2443( ما هو اضطراب الكرب البعدي للصدمة منشورات مركز الشرا للصحة النفسية واجملتمعية قسم التكوين غزة 65 سامر رضوان )حمرر(

67 اجلزء األول 3- ردود الفعل اجلسدية( Reactions (Somatic : وتنتج عن شدة االنفعاالت واستمرارها مما يؤدي إىل ظهور أعراض جسدية قد ال يعي صاحبها ارتباطها باالنفعال كآالم املعدة أو تسرع ضربات القلب أو الصداع الشديد واضطرابات النوم أو فرط التعرا أو ادياج وفرط نشاط..اخل(. 1.2 شدة تأثري الصدمة ميكن لنا أن نقيم شدة املثري املسبب للصدمة انطالقا من اجملاالت احلياتية اليت يطادا تأثري هذا املثري. وهنا جندنا أننا أمام احتماالت عدة هي: إصابة منطقة الضبط الذاتي يف جمال حياتي واحد إذا أتت اإلصابة ضمن أحد اجملاالت األربعة فإن شدتها وقوة تأثريها علينا تتوقف على مدى متاسك جماالت حياتنا األخرى فلو أتت الصدمة من جهة احلياة الصحية )مثل انكشاف أمر مرض جسدي غري عابر كالتعرض ألزمة قلبية( فإن شدة تأثريها تتعلق بكل من اجملاالت الثالثة الباقية وبدقة أكرب من تفعيل احتياطيات الفرد يف جمال األسرة والعمل واحلياة االجتماعية اليت تساعده كلها على تطويق آثار الصدمة وجتاوزها والتعامل معها ورمبا فيما بعد القدرة على تعديل مفهوم حدود ضبطه الصحي واستعادة درجة من التكيف مساوية ورمبا متفوقة على أسلوب تكيفه قبل صدمة املرض. أما إذا مل يتم تفعيل هذه االحتياطيات فإن تأثري الصدمة يكون أكرب ورمبا امتد ليؤثر ببقية جماالت احلياة مثل تراجع مساحة الضبط األسري الذاتي من خالل قطع العالقات مع األقرباء "خوفا من مشاعر الشفقة لرؤيته يف حالة املرض والضعف" واألمر نفسه ينطبق على بقية جماالت احلياة. ومن هنا نستطيع أن نفهم عملية املساعدة النفسية األولية يف مثل هذه احلاالت بأنها إجراءات نقوم بها بهدف إطالا وتفعيل احتياطيات الفرد من جماالت حياته األخرى لتدعم تعامله مع صدمته وحتد من امتداد آثارها متهيدا ملساعدته يف 66 Samer Rudwan (Editor)

68 اضطرابات الصدمة النفسية استعادة ضبطه يف اجملال املصاب والتكيف مع املرحلة القريبة التالية مباشرة للصدمة إصابة منطقة الضبط الذاتي يف أكثر من جمال حياتي واحد تأتي الرياح مبا ال تشتهي السفن وأحيانا تأتي األشياء السيئة مع بعضها البعض. ففي ظروف النكبات تأتي املثريات الصادمة من كل حدب وصوب وتطال أكثر من جمال واحد يف حياتنا. لنفرض أن نكبة فيضان قد حصلت فنجد أن املصابني بالنكبة يفقدون سيطرتهم املعتادة يف جمال العمل )من خالل فقدان العمل وكل أشكال التعامالت املالية االعتيادية بسبب انهيار مكان عملهم وعدم وجود حركة عمل على اإلطالا( ويف جمال الصحة )من خالل عدم القدرة على االستمرار يف النظام السابق من العادات الصحية اجليدة بسبب الفيضان وما يتبع ذلك من انتشار األوبئة( ويف جمال األسرة )من خالل عدم اجتماع مشل األسرة كأن ال يستطيع األب العودة إىل البيت بسبب انقطاع الطرقات واكتشافه عند عودته أن أهل بيته قد رحلوا حيث يقيم الصغار مع أمهم يف خميم خمصص دم ويفرض على الرجال الذهاب إىل ورشات إزالة األوحال ومساعدة اآلخرين( وكذلك احلال فيما يتعلق باألصدقاء والدور االجتماعي الذي يلعبونه حينما يصبق كل منهم مشغوال بنفسه ورمبا بأسرته وإنقاذ ما ميكنه إنقاذه. يف مثل هذه احلاالت تأتي شدة الصدمة مضاعفة وتكون فرص الفرد يف املواجهة أقل بكثري بسبب عدم القدرة على تفعيل االحتياطيات ألن كل اجملاالت قد مت إيذاؤها باحلدث اجللل وهو ما يدعى الصدمات املركبة Trauma).(Complex واألمر يكون أصعب وأمر من هذا يف حاالت احلروب ولقد رأينا كيف أن اإلنسان العراقي قد أصيب يف كثري من احلاالت باملصائب يف كل هذه اجملاالت احلياتية ففقد أغلى الغوالي لديه ورمبا انقسمت أسرته من حيث مكان اإلقامة فاألب يف مكان واألم وبعض األوالد يف مكان وبقية األوالد يف مكان ثالث وإضافة لذلك يفقد العراقي عمله لتهجريه من مكان إىل آخر بشكل 62 سامر رضوان )حمرر(

69 اجلزء األول قسري فيرتك دكانه أو شركته أو وظيفته ليبحث عن األمان له وملن تبقى من األسرة ورمبا بقي عاطال عن العمل أو يضطر للعمل يف مهن غري مهنته ومع أن العمل ليس عيبا فإن عمل املهندس يف صنع القهوة يف أحد املكاتب يشكل يف حد ذاته حدثا مؤملا إضافيا وأمثال هذا كثري. ثم يفقد الالجئ العراقي فوا ذلك املكان الذي ألفه واعتاد على أهله بعد أن افتقد لألمن فيه ليجد نفسه يف مكان جديد ورمبا مل يستطع أن جيد أحدا من معارفه أو أصدقائه القدامى حوله وقد ال جيد من القوة ما يكفيه للبحث عن معارف جدد فيبقى يف عزلة اجتماعية. وهنا يف ظل تعدد مساحات الضرر الناجم عن احلرب والتهجري تكون فرص إحداث أذى نفسي أكرب مبا ال يقارن يف هذه احلاالت. ويف هذه احلاالت فإن تقديم املساعدة النفسية ينبغي أن يركز أساسا على معاكسة تأثري الصدمات واستعادة الضبط الفردي ولو من خالل مهمات بسيطة يف كل واحد من جماالت احلياة لكي يعيد هذا للفرد شيئا من إميانه بنفسه ورمبا يكون جناحا جيدا أن نتمكن من استعادة الضبط يف أحد اجملاالت فإن هذا سيشجع الفرد على احملاولة الستعادة ضبط بقية اجملاالت. 1.3 ما الذي يساعديا على أن يتجاوز الصدمات اليت منر بها يسعى هذا الكتاب يف فصول الحقة إىل احلديث عن تقنيات مفيدة للتعامل مع الصدمات النفسية ولذلك فإننا هنا لن خنوض يف هذه املسألة بالتفصيل لكننا نريد التأكيد على أن التخلص من آثار الصدمات يف حاالت احلروب وخاصة املعقدة واملديدة كتلك اليت يتعرض دا العراقيون جيعل الصدمات النفسية حاضرا مستمرا ال ماضيا ينبغي التعامل معه عرب استحضاره وهضمه. إن مطالب احلاضر تكون ملحة إىل درجة ملحوظة ورمبا تطغى آثار مرحلة السكنى على احلقائب )آنيا ) على آثار الصدمات املاضية ليصبق أول واجبات املساعدة النفسية هو تلبية االحتياجات احلالية 69 Samer Rudwan (Editor)

70 اضطرابات الصدمة النفسية امللحة والتعامل مع صدمة الواقع الراهن قبل العودة إىل ما حصل يف املاضي مهما كان راضا. ولعل من أهم ما يساعدنا على جتاوز آثار الصدمات اليت نتعرض دا ويفرا بني شخص وآخر العوامل التالية: القدرة على التعبري عن املشاعر املرافقة للصدمة واسرتجاع املوقف بكامله وهذا يتطلب منا إتاحة الفرصة ألنفسنا بأن نروي احلادثة )ألنفسنا أو ألشخاص آخرين( أكثر من مرة كي نفهم ونركب لتفاصيل من جديد. اكتساب الفرصة الستعادة السيطرة بشكل تدرجيي على جمال الضبط املفقود وهذا يبدأ رمبا مبهمات بسيطة مثل حتضري الطعام أو العناية باملظهر وما شابه ذلك. وحنن نرى أن شفقة اآلخرين وتعاطفهم ا جتري أحيانا على عكس هذا االجتاه متاما حيث يقوم حمبو املصدوم بتولي تلبية مجيع احتياجاته عن حسن نية دون أن يعلموا أنهم يؤذونه بهذا ويكرسون أو على األقل يؤخرون بدء عملية التعايف. تلقي الدعم االجتماعي املناسب - جمموعات الدعم النوعية اليت تتشكل من أفراد تعرضوا خلربات متشابهة لريى بعضهم معاناة بعض ورمبا يتعلم الواحد منهم من اآلخر بشكل أيسر مما لو مت إلقاء احملاضرات والعظات عليه ممن مل يتعرضوا ملا مر به. - تلقي الدعم من خالل شبكة العالقات االجتماعية املعتادة يف حياة الفرد - توفر اخلدمات االختصاصية القدرة على إجياد معنى أو حكمة أو معنى إجيابي للمعاناة )تعديل الفلسفة الشخصية يف احلياة(. زيادة املهارات الشخصية وخاصة القدرة على إدارة االنفعاالت. 1.1 حني ال يتمكن الفرد من أن يتجاوز الصدمة إذا مل ختتف أعراض استجابة الصدمة بعد مضي فرتة فإن آثارها تبدأ يف اخلروج عن 63 سامر رضوان )حمرر(

71 اجلزء األول معيار السواء وتبدأ يف أن تصبق مرضية. وحنن إذ نسعى ملساعدة األشخاص املصدومني على أن يعربوا وأن يتخففوا من ردود الفعل الصدمية لديهم إمنا حناول بهذا أن جننبهم الوصول إىل احلالة املرضية وهي باألكيد أسوأ من ردود الفعل الصدمية الطبيعية على حياة الفرد حاضرا ومستقبال. إن اكتشاف الطب النفسي ملسألة اضطرابات ما بعد الصدمة إمنا أتى بعد معاينة آثار حرب فيتنام على اجلنود الذين شاركوا فيها تلك اآلثار اليت كانت تستمر أحيانا سنوات طويلة يف حياتهم 1. ونعترب أننا يف مواجهة حالة من هذا النوع يف إحدى حالتني: أوال : استمرار االستجابات الطبيعية للصدمة ملدة تزيد على الشهر )مع األخذ بعني االعتبار املتغريات الثقافية مثال : ختتلف فرتة احلداد اليت تعترب طبيعية من ثقافة إىل أخرى فإن كان هناك معايري تضبط هذا احلداد وجتعله أطول من شهر فال يكون استمرار استجابات احلداد عندها مرضيا يف البلدان العربية مثال درجت العادة على أن ميتد حداد الزوجة على زوجها فرتة ما يعادل فرتة العدة يف الشرع اإلسالمي وهي تقدر حبوالي أربعة أشهر فال تعترب أعراض احلداد يف هذه احلالة وإن فاقت الشهر حدادا صدميا(. ولكن لو قلنا إن أحد األشخاص تعرض حلادث سري واستمرت ردود ا لفعل لد يه مد ة ت ز يد على الشه ر )م ن عدم القد ر ة على ن سيا ن تفاصيل احلادثة والشعور بالفزع من ركوب أي حافلة نقل أو عدم القدرة على قياد ة سيا رته بنف سه وما شا به ذل ك ) فإ ننا نقول عند ذل ك إ ن اس تجا ب ته مل تعد 1 Foa, E. B., Meadows, E. A. (1997). Psychosocial treatments for posttraumatic stress disorder: A critical review. Annual Review of Psychology, 48, Samer Rudwan (Editor)

72 اضطرابات الصدمة النفسية االستجابة الطبيعية للصدمة النفسية بل هي قد تطورت إىل اضطراب الكرب التالي للصدمة. ثانيا : عندما ال تظهر ردود الفعل الصدمية بعد الصدمة مباشرة ولكن ظهورها بعد فرتة زمنية )رمبا متتد بضع شهور وهناك من يقول أنها قد تظهر حتى بعد سنوات( وهو ما يعرف بظاهرة األعراض املؤجلة مثل ما حيدث حني حيتفظ أحد األفراد املصابني يف حادث م رو ر بقو ة ت ر كي زه وصفاء تفك ريه فيقوم بإ نق اذ أقربائه وعمل ما ينبغي فعله من إخبار اإلسعاف أو الشرطة ثم بعد ذلك تظهر عليه أعراض االستجابات الصدمية مثل البكاء أو التشنج والصراخ أو حتى اإلغماء يف بعض احلاالت. وقد ال تظهر أعراض الصدمة لشهور طويلة ثم تظهر فج أة بسبب معروف كح دوث ص دمة ثانية أو دون سبب معروف للمراقب اخلارجي أو حتى لصاحب احلالة ذاته ولكن على األغلب تكون هناك مثريات ذكرت املصدوم باخلربة املاضية. وتوجد أشكال عدة من اضطرابات الكرب التالي للصدمة ختتلف فيما بينها من حيث حدة األعراض أو دميومتها وال نرى أن اجملال هنا مناسب لذكرها وحنيل القارئ املهتم إىل الفصول اليت تناولت ذلك يف هذا الكتاب ويف غريه 1 ولكن ما يهمنا هنا هو أن يعرف مقدمو العون النفسي بأنواعه أن ظهورها يستدعي اللجوء إىل طرا مساعدة اختصاصية من طبيب نفسي أو من معاجل نفسي مؤهل ملواجهة احلالة مبا ينبغي. وسيجد القارئ املهتم يف الفصول القادمة وصفا أكثر ملا ميكن عمله يف هذه احلاالت. 21 سامر رضوان )حمرر(

73

74 الفصل الثالث عالج اضطرابات الضغوط التالية للصدمة مبادئ عامة حول الصدمة واضطراب الضغوط التالية للصدمة PTSD 1.3- تعريف الصدمة الصدمة عبارة عن حادث أو موقف مرهق واقع خارج جمال اخلربة اإلنسانية املعتادة تتضمن ضغطا استثنائيا أو درجة شبيهة بالكارثة واليت قد تستثري لدى كل فرد بلبلة عميقة. وميكنها أن تستمر لفرتة قصرية أو تطول وأن حتدث مرة واحدة أو تتكرر. وما مييز احلدث الصادم وجود خطر أو تهديد حاد حلياة أو لصحة الشخص نفسه أو اآلخرين (2000a.(Lamprecht, ومن أمثلة هذه املواقف االستغالل اجلنسي أو اجلسدي واالغتصاب والعنف املنزلي واالعتداءات اجلنائية واإلرهاب واحلروب واإلبعاد إىل معسكرات اعتقال واحلوادث والكوارث الصناعية أو الطبيعية. ويتم التفريق بني النوع األول والنوع الثاني من الصدمة.Type-I & Type-II-Trauma ويقصد بالصدمة من النوع األول األحداث الصادمة املنعزلة غري املتوقعة اليت تستمر لفرتة حمدودة. ومن بينها على سبيل املثال االغتصاب ملرة واحدة وكوارث الطبيعة وحوادث السري والعمل. وتكون مشاعر اخلوف والالحول واليأس هي املشاعر املسيطرة يف خربة احلدث الصادم. باملقابل فإن الصدمة من النوع الثاني هي األحداث الصادمة اليت تستمر لفرتة طويلة وتتضمن يف العادة سلسلة من األحداث الصادمة املتكررة. ومن أمثلتها االستغالل اجلنسي واجلسدي املستمر يف الطفولة أو العنف املنتظم جتاه الشريك يف الزواج. وغالبا ما يقود النوع 23

75 اجلزء األول الثاني من الصدمة إىل تشويهات سلبية معقدة لتصويرة الذات والعامل أي يف النظرة إىل الذات ويف النظرة لآلخرين وترتبط مبشاعر سلبية كاخلجل والذنب والالقيمة )النظرة التافهة للذات أو حتقريها( والالحول )اليأس واالستسالم(. ويغلب أن تكون عواقب النوع الثاني من الصدمة وعلى عكس النوع األول وخيمة وعملية التعايف منها تكون طويلة األمد االيتشار تتباين نسبة الصدمات املعاشة حسب اجملموعة السكانية املدروسة. ومن السمات التفريقية املهمة سن اجملموعة املدروسة وجنسها )تقع النساء على سبيل املثال ضحايا االعتداءات اجلنسية أكثر والرجال ضحايا األعمال القتالية أكثر( ومكان السكن )املدينة مقابل الريف على سبيل املثال( واالنتماء جلماعة خطر معينة )عمال الدفاع املدني أو الشرطة يف اخلدمة اخلارجية أو أطباء اإلسعاف على سبيل املثال( واالنتماء الثقايف واخلربات املتعلقة باجليل كاحلروب أو الكوارث الطبيعية على سبيل املثال (Resick, (2003. كما أن لنوع الصدمة املعاشة تأثري من جهته على تكرار تشكل اضطرابات الضغوط التالية للصدمة. فبعد االغتصاب هناك حوالي %54 االنتشار وبعد أعمال العنف األخرى حوالي %25 وبني ضحايا احلروب والتهجري حوالي %54 ولدى ضحايا السري حوالي %15 ويف األمراض العضوية الشديدة )كالذحبة القلبية األمراض اخلبيثة( حوالي %15 أيضا ويتأرجق االنتشار مدى احلياة بالنسبة الضطراب الضغوط التالية للصدمة( PTSD ) بني اجلمهور العام يف الدراسات املختلفة بني %4.6 يف آيسالندا و 3.2 يف الواليات املتحدة األمريكية. وبالنسبة ألملانيا االحتادية فإن القيم تتأرجق بني %2 و %2 ;2000a (lamprecht,.siol, Flatten & Woeller, 2004) 3.3- املنشأ 24 Samer Rudwan (Editor)

76 اضطرابات الصدمة النفسية رمبا تكمن أهم مسة للصدمة يف إنهاك موارد الشخص سواء فيما يتعلق باإلدراك عرب القنوات احلسية أم فيما يتعلق بتمثل اخلربة ودجمها. فعندما ال يتمكن الشخص املعين من دمج األحداث واخلربات مع االستعرافات واإلدراكات واملشاعر التابعة لذلك وتنظيمها يف تاريخ احلياة فإنه من املمكن أن ينبثق عن الصدمة االضطراب التالي للصدمة. ويقصد بهذا حالة تشمل على تغريات يف اجملال االستعرايف واالنفعالي والفيزيولوجي والسلوكي. ويؤكد المربشت (2000a, Lamprecht )على أن اضطراب (Ehlert & Maercker, 2001) الضغوط التالية للصدمة ما هي إال جمرد اضطراب حمتمل بعد األحداث الصادمة. فاحتمال أن يتطور لدى شخص ما اضطراب ضغط تال للصدمة ومدى شدة هذا االضطراب يتعلق بعوامل اخلطر واحلماية املختلفة مع العلم أن البحث عن عوامل اخلطر يتم يف تاريخ حياة الشخص وتارخيه املرضي ويف مسات احلدث الصادم واالستجابات املباشرة للشخص على احلدث. ويقدم جدول )1( أهم جماالت اخلطر وانتقاء لعوامل ملموسة. والبد من النظر لعوامل اخلطر هذه كمتغريات تؤثر على تفسري الصدمة وعواقبها ونوع ذاكرة الصدمة واختيار االسرتاتيجيات للتعامل مع التهديد املدرك واألعراض. وهي ليست شروطا ضرورية وال كافية لنشوء اضطراب الضغوط التالية للصدمة بعد احلدث الصادم وإمنا ترفع اخلطر أو االستعداد لإلصابة اضطرابات الضغوط التالية للصدمة. Vulnerability لنشوء ويفرتض تايلور (2006 (Taylor, أنه الميكن تقسيم الصدمة إىل أحداث»مثرية الضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD («مقابل أحداث»غري مثرية الضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD («وإمنا تتوزع هذه األحداث على متصل. فاألحداث السابقة يف تاريخ املعين متتلك هنا التأثري األضأل على تشكل اضطراب الضغوط التالية للصدمة per traumatically dissociation يف حني أن التفكك املطوا بالصدمة.)PTSD( وهو حسب 25 سامر رضوان )حمرر(

77 اجلزء األول ريسيك (2003 (Resick,»خربة الواقع يف أثناء احلدث الصادم يعد عامل خطر مهم للتشكل الالحق الضطراب الضغوط التالية للصدمة) 2000a)»)PTSD.(Lamprecht, جدول : 1 عوامل اخلطر الضطراب الضغوط التالية للصدمة )معدل عن تايلور 2446(. جمال اخلطر تاريخ حياة الشخص املعين مسات احلدث الصادم االستجابات واحلالة أثناء املوقف الصادم حميط احلياة عوامل اخلطر تاريخ طيب نفسي يف األسرة أسرة مزعزعة ذكاء منخفض سوابق مع األحداث الصادمة السابقة أو اضطرابات الضغوط التالية للصدمة وجود اضطرابات شخصية شدة الصدمة - يرتفع على سبيل املثال خطر منو اضطراب ضغط تالي للصدمة إذا: كان األطفال معنيون تويف شخص ما كانت الصدمة بسبب إنساني )كالتعذيب أو االستغالل اجلنسي على عكس احلوادث أو كوارث الطبيعية على سبيل املثال(. استجابات نفسية متعلقة بالرعب يف أثناء الصدمة أو بعدها مباشرة )تفكك dissociation قلق متطرف صدمة( حالة جسدية ضعيفة )إنهاك على سبيل املثال (. تضررات عضوية )لدى كبار السن على سبيل املثال (. أحداث حياتية حرجة القليل من الدعم االجتماعي بعد احلدث الصادم. 26 Samer Rudwan (Editor)

78 اضطرابات الصدمة النفسية عوامل محاية - اإلحساس بالتماسك Coherency sense - الدعم االجتماعي - عمليات املواجهة عوامل احلدث - شدة الصدمة - عدم التوقع )املفاجأة - القابلية للسيطرة عواقب - صور اضطرابات )قلق- اضطرابات اكتئابية... وأخرى( مقابل - إعادة تثبيت restabilization عمليات نفسية تالية للصدمة اقتحام فرط intrusion يقظة جتنب/جتمد - نضج شخصي عوامل خطر - السن يف وقت االنصدام - خربات باكرة مرهقة - اضطرابات نفسية باكرة - الطبقة االجتماعية االقتصادية شكل: 1: منوذج إطار لنشوء عواقب الصدمة )عن 34.P )Maecker,1997, 22 سامر رضوان )حمرر(

79 اجلزء األول ويقرتح مريكر (1997 (Maercker, النموذج السابق يف سبيل توضيق التأثري التفريقي للخربات الصادمة )الشكل 1( يعتمد على عوامل تأثري نفسية اجتماعية خمتلفة ميكنها أن تلعب دورا يف نشوء اضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD (. ويتم االنطالا من أن اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( ال يتسبب من خالل Smucker & Niedree, احلدث الصادم نفسه وإمنا من خالل التمثل االنفعالي غري املالئم (.)1995 إذ أنه من احملتمل أنه تتم إعاقة اإلدراك املباشر ومتثل احلدث وما يرتبط بذلك من مشاعر من خالل التفكك املطوا للصدمة. كما يبدو أن مقدار االستسالم أو الشعور باليأس والالحول يف الوقف الصادم يسهم يف نشوء اضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD (.(Resick, 2003) 3.4- تصنيف اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( هناك وصف مفصل حملكات تشخيص اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( يف الدليل التشخيصي واإلحصائي الرابع معدل النص Diagnostic and Statistical Manual IV- 2003) APA, TR (DSM-VI-TR, Nr ; American Psychiatric Association, ويف التصنيف العاملي العاشر لالضطرابات النفسية International Classification of Diseases ) Organization,.(ICD-10, F43.1; World Health وتستخدم كلتا املنظومتني من التشخيص مفاهيم خمتلفة ومعايري أكثر صرامة. ويقدم جدول 2 و 3 DSM-VI-TR اخلطوط املوجهة الضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD ( يف DSM-VI-TR و :ICD Samer Rudwan (Editor)

80 اضطرابات الصدمة النفسية احملك )أ( جدول 2: املوجهات التشخيصية الضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( وفق (APA, 2003) DSM-VI-TR واجه الشخص حدثا صادما تتوفر احملكات التالية: 1- عاش الشخص أو راقب حدثا أو عدة أحداث تضمنت موتا فعليا أو التهديد باملوت أو إصابة جدية أو خبطر تأذي السالمة اجلسدية للشخص نفسه أو لشخص آخر. 2- مشلت استجابة الشخص اخلوف املكثف أو الالحول أو الذعر. احملك )ب( يتم إحياء احلدث الصادم بثبات على األقل بواحدة من الطرا التالية: 1- تذكر متكرر مرهق وملحاح للحدث ميكن أن تتضمن صورا أو أفكارا أو إدراكات. 2- أحالم مرهقة متكررة عن احلدث. 3- التصرف أو الشعور وكأن احلدث الصادم يعود )يتضمن الشعور بأن الشخص يعيش احلدث ثانية أوهام وأهالس وأطوار تفككية من االرجتاع Flashback مبا يف ذلك تلك اليت تظهر عند االستيقاظ أو التسممات (. intoxication 4- ضغوط نفسية مكثفة عند املواجهة مع مثريات دالة خارجية أو داخلية ترمز ملظهر احلدث الصادم أو تذكر باملظاهر نفسها له. 5- استجابات جسدية عند املواجهة مع مثريات دالة خارجية أو داخلية ترمز ملظهر احلدث الصادم أو تذكر باملظاهر نفسها له. احملك )ج( جتنب مستمر للمثريات املرتبطة بالصدمة أو تراخي القابلية العامة لالستجابة )مل تكن موجودة قبل الصدمة(: ثالثة من األعراض التالية على األقل تكون متوفرة: جتنب مقصود لألفكار أو املشاعر أو األحاديث اليت ترتبك بعالقة مع الصدمة. 1- التجنب املقصود للنشاطات أو األماكن أو الناس الذين حييون ذكريات الصدمة. 2- عدم القدرة على تذكر مظهر مهم من الصدمة. 3- تناقص واضق لالهتمام أو اخنفاض املشاركة بالنشاطات املهمة. 4- الشعور باالنفصال أو باالغرتاب عن اآلخرين. 5- تقييد سعة االنفعاالت )عدم القدرة على اإلحساس باملشاعر احلنونة على سبيل املثال(. 6- مشاعر بتقييد املستقبل )ال يتوقع املعين أي شيء الصعود املهين أو الزواج أو احلياة 7-23 سامر رضوان )حمرر(

81 الطبيعية الطويلة على سبيل املثال(. احملك )د( اجلزء األول أعراض مستمرة من اليقظة املرتفعة )مل تكن موجودة قبل الصدمة( يوجد اثنان على األقل من األعراض التالية: صعوبات يف النوم أو يف استمراريته. 1- قابلية لالستثارة ونوبات غضب. 2- صعوبات تركيز 3- يقظة مفرطة )فرط اليقظة )Hyper vigilance 4- مبالغة باستجابة هلع 5- احملك )ه( صورة االضطراب )تستمر أعراض احملك )ب وج ود ) أكثر من شهر احملك )و( - تسبب صورة االضطراب معاناة أو تضررات يف جماالت مهمة من الوظائف االجتماعية أو املهنية أو األخرى. حدد: فيما إذا كانت: - حادة: عندما تستمر األعراض أقل من ثالثة أشهر - مزمنة: عندما تستمر األعراض أكثر من ثالثة أشهر حدد: فيما إذا كانت: بداية متأخرة: عندما تكون بداية األعراض ستة أشهر على األقل بعد عامل العامل املرهق. 94 Samer Rudwan (Editor)

82 اضطرابات الصدمة النفسية احملك )أ( جدول 3: احملكات التشخيصية الضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD ( وفق اآلي سي دي ICD-10) (WHO, (2003 تعرض املعنيون حلدث أو حادث استمر لفرتة قصرية أو طويلة مهدد بصورة خارجة عن املألوف أو بدرجة كارثية يستثري لدى كل إنسان تقريبا قنوطا عميقا. احملك )ب( ذكريات أو إعادة خربة مستمرة للضغط من خالل ذكريات اسرتجاعية Flashbacks ذكريات حية أحالم متكررة أو ضيق داخلي يف املواقف الشبيهة بالضغط أو اليت ترتبط بهذه املواقف. احملك )ج( يتم بالفعل أو قدر اإلمكان جتنب الظروف اليت تشبه الضغط أو املرتبطة بها. وهذا السلوك مل يكن قبل احلدث املرهق. احملك )د( إما )1( أو )2( عدم القدرة اجلزئية أو الكاملة على تذكر بعض الوجوه املهمة للحدث. 1- أعراض مستمرة من احلساسية واالستثارة النفسية املرتفعة )غري موجودة قبل احلدث( 2- مع اثنتني من السمات التالية: اضطرابات الدخول يف النوم واالستمرار فيه قابلية لالستثارة أو نوبات غضب صعوبات تركيز فرط يقظة ارتفاع يف القابلية للهلع وعليه فإن اضطرابات الضغوط التالية للصدمة )PTSD( تكون موجودة عندما يتم التمكن من تشخيص أعراض من اجملاالت الرئيسية الثالثة إعادة املعايشة/االقتحام.Hyper arousal وتعد التجنب/التخدير numbing وفرط التوتر/فرط اليقظة intrusion االقتحام intrusion أو ما يسمى باالرجتاع flashback أو الذكريات الصدوية reverberation األعراض األكثر لفتا للنظر يف العادة. وميكن لعودة التذكر أن تتضمن أجزاء بصرية 91 سامر رضوان )حمرر(

83 اجلزء األول olfactory أو auditive مسعية أو مشية وحسية للحدث الصادم وغالبا ما تكون visual مرتبطة بصور ختيل مفرطة احلدة ومشاعر قوية. ويظهر االقتحام متكررا يف الليل والنهار على شكل كوابيس على سبيل املثال ويعيشها املعين على أنها غري قابلة للسيطرة. وميكن اعتبار جتنب ذكريات الصدمة أو األماكن والنشاطات املرتبطة بذلك على أنه استجابة على الضغوط املعاشة من خالل الصدمة واالقتحام. ويتضمن جمال فرط اليقظة أعراضا من فرط االستثارة الفيزيولوجية الشديدة املستمرة والدورية األمر الذي ميكن مالحظته من خالل ارتفاع اليقظة واستجابات ادلع واديجان املتزايد واضطرابات الرتكيز وبشكل خاص اضطرابات النوم )2001 Ehlert,.)Maecker & )PTSD( وعادة ما تكون األعراض لدى مرضى اضطراب الضغوط التالية للصدمة متنوعة ومعقدة. وهناك عرضان مهمان البد من إضافتهما إىل األعراض املذكورة. فمن جهة هناك مشاعر الذنب املتعلقة بالصدمة اليت تتضمن الندم واألسف على احلدث مرتبطة مع القناعة بأنه كان على املرء أن يفكر ويشعر ويتصرف بطريقة أخرى ومن جهة أخرى هناك مشاعر اخلجل املتمحورة حول الصدمة اليت تتصف بأفكار من حنو»أنا إنسان سيء ال قيمة ال خائر القوة«والرغبة بإخفاء نفسه وأعراضه عن أعني الناس االختالطية والتشخيص التفريقي تعد اضطرابات القلق واضطرابات املشاعر )من حنو اضطراب عسر املزاج )dysthymia وسوء استهالك املواد أو التعلق بها واالكتئاب واضطرابات األمل واضطرابات السلوك واضطرابات الشخصية من أغلب االضطرابات اليت ختتلط مع اضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD (. فغالبا ما جند لدى ضحايا االستغالل اجلنسي يف الطفولة مسات من الشخصية احلدودية من حنو على سبيل املثال اضطراب يف تنظيم املشاعر واضطراب يف العالقات وسلوك مدمر للذات واندفاعي وسلوك تفككي وصوال إىل اضطرابات ادوية 92 Samer Rudwan (Editor)

84 اضطرابات الصدمة النفسية.(Taylor, 2006) ويف التشخيص التفريقي البد من االنتباه لنوع ومدة املرهق stressor ونوع العرض واألعراض الباكرة. أما االضطرابات اليت ينبغي فصلها يف التشخيص التفريقي عن اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( فهي: اضطرابات التكيف. استجابات احلزن. تبدالت الشخصية املستمرة بعد ضغوط متطرفة. استجابات ضغوط حادة/اضطرابات ضغوط حادة اضطرابات قلق أخرى/اكتئابات استعرافات تطفلية intrusive أخرى واضطرابات إدراك إصابات دماغية وأمراض دماغية أخرى اضطرابات من الشكل اجلسدي 93 سامر رضوان )حمرر(

85

86 الفصل الرابع خطوط موجهة لعالج اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( Guided lines for therapy of PTST 4.1- األسس حظيت اضطرابات الضغوط التالية للصدمة )PTSD( والبحث عن إمكانات العالج سواء يف السنوات األخرية باالهتمام املتزايد. وقامت املدارس العالجية املختلفة بتطوير معاجلات خاصة بالصدمة تهدف إىل التمثل االنفعالي للخربة بشكل مناسب وختفيف األعراض ومتكني الشخص املعين من دمج اخلربة الصادمة يف سريته الذاتية. وتعد اإلجراءات اخلاصة لعالج اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( يف إطار عالج الصدمة يف العادة جزءا تكامليا من العالج الكلي (2000.(Sack, وهذه ميكن إجرائها بالعالج الرتقيدي stationary أو اخلارجي وذلك حسب شدة االنصدام Traumatization واألعراض واالختالطية مع اضطرابات نفسية وخيمة أخرى واالنتحارية الراهنة. وبالنسبة للعالج اخلارجي ال بد من توفر شبكة اجتماعية جيدة وحميط ثابت كشرطني ضروريني من أجل منع حصول المعاوضة decompensation يف أثناء العالج. وميكن كبديل إجراء العالج الكلي يف اإلطار اخلارجي والتفكري بإقامة حمدودة يف املستشفى لعالج الصدمة )قارن Sack, 2000 )Lamprecht, ;200b ومن أجل جتنب عودة االنصدام البد قبل بداية معاجلة الصدمة الفعلية اختبار فيما إذا كان املريض Retraumatization مستقرا ومستعدا ملواجهة اخلربة. باإلضافة إىل ذلك البد للمعاجل أن يكون متأكدا من أنه ميتلك املعارف الكافية إلشكالية املريض )2000.)Sack, 95

87 اجلزء األول هدف أحباث الصدمة التخفيض قدر اإلمكان من الضغوط أو التوترات اليت يتعرض دا املعاجل واملريض معا يف أثناء عالج الصدمة )على سبيل املثال من خالل الوصف املفصل للخربات الصادمة وعودة إحياء املشاعر املرتبطة بذلك(. ويف كل األحوال فإنه البد حسب مستوى املعرفة الراهنة تذكر الكثري من احلدث الصادم وإحياءه واملرور خبربته حبيث يصبق املريض قادرا على التعرف على الصدمة يف مجيع مظاهرها وحل التشابكات االنفعالية وجتنب اخلجل (2000.(Sack, موجهات عالجية وعناصر املعاجلة Therapeutically Guided lines and Treatment Elements -4.2 قام فالتن وآخرون (Flatten et al., 2994) بوضع موجهات عامة لعالج اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( ملساعدة املعاجلني للتعامل بأفضل قدر ممكن مع املريض واضطرابه. وقد مت عرض هذه اخلطوط املوجهة يف جدول 1. كما متثل عناصر املعاجلة اليت قدمها تايلور (2006 (Taylor, املتضمنة مسات املعاجل والتدخالت وبنية العالج أسس العالج. فمن السمات األساسية للمعاجل الدفء واألصالة والتقبل والتعاطف واإلصغاء االنعكاسي. وهذه السمات والقدرات هي شروط لبناء العالقة العالجية حيث متثل األساس لعالج الصدمة (2004 Lating,.(Everly & ويف هذه العالقة يشهد املريض األمن وميكنه بناء الثقة باملعاجل وهو ما يتيق يف النهاية تعاونا بناء بني املعاجل واملتعاجل. وعلى املعاجل أن يكون قادرا حتمل روايات املريض حول اخلربة املرعبة ويوصل للمريض بأنه مستعد لذلك.(Steil, 2005) 96 Samer Rudwan (Editor)

88 اضطرابات الصدمة النفسية جدول 1: موجهات لعالج اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( عن 2004( al., )Gast et اإلجراءات األوىل - تأمني حميط آمن )احلماية من تأثريات أخرى للصدمة( - تنظيم منظومة مساعدة نفسية اجتماعية - اللجوء املبكر ملعاجل نفسي خبري مبعاجلة اضطراب الضغوط التالية للصدمة.)PTSD( - تقديم معلومات وتربية نفسية فيما يتعلق باألعراض الصدمية وجمرياتها. التثبيت اخلاص بالصدمة ال جيوز أن تتم إال من خالل املعاجلني النفسيني املؤهلني طبيا أو نفسيا من خالل: - التدخل يف األزمة - الربط بإشراف تشخيصي وعالجي متني - تدخالت متمحورة حول املوارد )تقنيات ابتعاد Imaginative procedures على سبيل املثال(. Distance Technique - عالج دوائي )داعم متمركز حول العرض( - أساليب ختيلية مضادات اكتئاب من جمموعة SSRI )احلذر من خطر االنتحار وبشكل خاص مع األطفال واليافعني(. - انتباه(: يوجد خطر إدمان خاص يف اضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD ( )بشكل خاص عند استخدام البنزوديازيبانات )Benzodiazepine معاجلة الصدمة - ال جيوز أن تتم إال من خالل املعاجلني النفسيني املؤهلني طبيا أو نفسيا من خالل: - إعادة مواجهة معرية باحلدث الصادم بهدف التمعن consider والتكامل أو االتساا )الدمج( ) اتساا العمليات العقلية واندماجها مع بنية الفرد. ( 92 سامر رضوان )حمرر(

89 ف. اجلزء األول integration ضمن ظروف عالجية حممية. الشروط: استقرار كاف عدم وجود تأثريات صدمية الحقة عدم وجود اتصال بالفاعل. طرا معدلة على الصدمة يف إطار برنامج عالجي كلي: عالج استعرايف سلوكي - - عالج سيكودينامي EMDR - استخدام أساليب داعمة)من حنو عالج جسدي مرسخ عالج بالفن( - اإلطار: يتعلق اإلطار بشدة االضطراب واحلاجة للرتسيخ: عالج خارجي )يف العيادة يف املستوصف( مركزي )ترقيدي( )يف القسم الطيب املعين مستشفى نهاري( - انتباه(: عند وجود اضطراب مركب من اضطرابات الضغوط التالية للصدمة )PTSD( )بعد انصدامات مرتاكمة بشكل مزمن أو وجود اختالطية مرتفعة أو كليهما معا فإن إعادة املواجهة Re-confrontation املبكرة تعد مضاد فاعلية Contraindication وال ميكن إجرائها إال بعد حتقيق تثبيت كاف. - كما أنه ميكن الستخدام األساليب العالجية للصدمة بشكل مبكر أو االقتصار عليها لوحدها أن يكون خطريا. أما التقوميات وحتميل الذنب فهي ممنوعة. حتى لو كان املريض مساهما بالفعل يف أجزاء من احلدث الصادم فإنه ال يستحق مثله مثل أي إنسان آخر بأن ينصدم & (Resick (1999.Schnick, فإذا ما عرب املريض عن رغبته مبعالجة أنثى يف االستغالل اجلنسي فإنه البد من اختبار فيما إذا كنا نرى هنا شكال من التجنب وفيما إذا كنا سنسمق بذلك من أجل تسهيل العالج بداية (2006 (Taylor, البد للمريض أن يشعر بأنه مفهوم وآمن. أما العالج نفسه فيتألف من التدخل األساسي لعالج اضطراب الضغوط التالية Eye Movement للصدمة )PTSD( )كعالج خفض احلساسية حبركات العني واإلعادة 99 Samer Rudwan (Editor)

90 اضطرابات الصدمة النفسية (EMDR) Desensitization and Reprocessing أو توليف من املواجهة وإعادة البناء االستعرايف( وتدخالت إضافية حسب احلاجة as-needed )من حنو متارين األمان أو متارين إدارة الغضب أو تدريب الكفاءات االجتماعية أو تدخالت أسرية(. ويتم تقسيم خطوات العالج إىل مراحل ثالثة متعاقبة: التثبيت ومعاجلة الصدمة والدمج وإعادة الربط. وقد مت وصف هذه املراحل الثالثة من باحثني خمتلفني مع العلم أن املضامني امللموسة للمراحل املنفردة الختتلف كثريا )قارن.)Schwarz, 2002 وتتصف بنية العالج بالتعاون مع املريض. ويتم اختبار اجملريات باستمرار وتصحيحها يف مقتضى احلال. أما اددف فهو ترك الكثري من املسؤولية والتحكم للمريض نفسه قدر اإلمكان. فعلى سبيل املثال يتم اعتبار قناعات املريض فرضيات يتم اختبارها معا جلمع مؤشرات تؤيدها أو تنفيها (2006.(Taylor, 4.3- مراحل العالج النفسي التحضري والتشخيص يعاني مرضى اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( يف الغالب من صعوبات يف تقبل العالج. فالعالقة الكامنة بني العرض أو االضطراب السائد وهو الذي كان السبب وراء العالج وبني اخلربة الصادمة مل تتم رؤيتها باألصل ولن تتبلور مؤشرات معاجلة اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( إال يف جمرى العالج. وغالبا ما توجد خماوف كبرية من تكرار خربة الصدمة يف أثناء االشتغال بها وحصول ال معاوضة. ومن هنا فإن التحضري اجليد على عمل الصدمة مهم جدا سواء بالنسبة للمعاجل أم املريض. ويف اجللسة األوىل ال يتم االستفسار عن تفاصيل الصدمة أبدا ويتم تقدير مقدار االنصدام بصورة هشة فقط. ويذكر ساك (2000 (Sack, سلسلة من اإلجراءات يصعب 93 سامر رضوان )حمرر(

91 اجلزء األول االستغناء عنها يف التحضري للعالج: الشرح للمريض حول طريقة ومعنى وفائدة عالج الصدمة استقصاء االستعداد املسبق لإلصابة )الالحصانة وسريته الذاتية والضغوط الراهنة واملوارد. )Vulnerability للمعين وتاريخ حياته وصف موجز )خمطط أولي( مقدار وجمرى االنصدام. استفسار فاعل جملاالت األعراض من بينها تكرار اخلربة االقتحام التجنب املخاوف التصرفات القهرية سلوك اإلدمان )ميكن حتديد أعراض االقتحام مبساعدة دفرت املذكرات اليومي حيث يقوم املريض بالتسجيل فيه لفرتة أسبوع Steil, 2995 ) حتديد مقدار التفكك ذلك أن هذه متتلك مضامني أو )معان )implication ضخمة بالنسبة ملؤشرات وتنفيذ عالج الصدمة. تشخيص عالجي نفسي شامل من أجل التعرف على أعراض نفسية أخرى وتقدير تأثريها على العالج أي السؤال عن األعراض النفسية املوجودة حاليا واليت ذكرها املريض يف سياا السرية املرضية وحتديد يف مقتضى احلال شدة وجود اضطراب نفسي آخر قائم يف الوقت نفسه أو استبعاد اضطرابات أخرى. تقدير البنية الشخصية للمريض وقدرته للدخول يف عالقة )عالجية( توضيق الصعوبات املمكنة يف التفاعل واالشتغال بها قبل الدخول يف العالج الفعلي للصدمة يف مقتضى احلال. توضيق فيما إذا كان املريض يتمتع باالستقرار وباملوارد النفسية بشكل كاف ويستطيع االستمرار حتت ضغوط عالقة العمل العالجية. التطرا للتوقعات املفرطة من عالج الصدمة وتصحيحها 34 Samer Rudwan (Editor)

92 اضطرابات الصدمة النفسية إمداد املريض باملعلومات األولية حول الصدمة وعواقبها واالضطرابات التفككية وإمكانات العالج وإعطاءه معلومات خطية إذا كان باإلمكان )منشورات معلومات خطية مفصلة للمرضى مذكورة على سبيل املثال لدى إيلرز( )1999.)Ehlers, والبد من إجراء التشخيص من عيادي خبري. ويتضمن جدول 2 انتقاء ألدوات املساعدة التشخيصية. وإذا كان باإلمكان البد من استخدام استبيانات معرية من أجل احلصول على قيم قابلة للمقارنة فيما يتعلق مبقدار األعراض وشدة التضررات الذاتية وللتمكن من احلصول على قياسات للمجرى. والبد للمقابالت أن تكون معرية من أجل احلصول على تفاصيل مهمة للصدمة وسياقها وارتباطاتها على سبيل املثال بني األعراض أو بني االرجتاع Flashback ومثرياتها. ومن املهم باإلضافة إىل ذلك االستفسار عن القناعات أو املعتقدات املختلة )املعطوبة( اليت طورها املريض بنتيجة الصدمة من حنو "ليس لي قيمة" "كلهم سيئون" "أنا املذنب" على سبيل املثال. ومن أجل ذلك ميكن على سبيل املثال كأدوات (Steil, مساعدة استخدام استبيان االستعرافات املختلفة Dysfunctional Cognitions لستايل 20002) أو استبيان األفكار بعد اخلربات الصادمة إليلرز )(Ehlers, 1999, P.92f أومقياس (H- الكفاءة الذاتية لشفارتسر (1999 (Schwarzer, أو مقاييس لقياس اليأس لكرام نب (1994 Krampen,.Scales: وتوجد إرشادات مفصلة لإلجراءات التشخيصية واألدوات التشخيصية لدى Taylor, 1996 (Lueger-Schuster, 2994; Gast et al., 2004; Maragraf, 1966;.and another) ومن األهداف املهمة للتحضري والتشخيص تطوير بالتعاون مع املريض مناذج تفسري وفهم وتغيري لالضطراب واالتفاا بناء على ذلك على أهداف عالجية.»وهذه االتفاقات على أهداف العالج يعيشها املرضى بأنها حمررة جدا. إذ بناء على 31 سامر رضوان )حمرر(

93 اجلزء األول خرباتهم بالعالقة من خالل االنصدام املرتبطة دائما مبشاعر شديدة من الالحول وفقدان السيطرة واألمان تتاح دم هنا فرصة اإلسهام يف قيادة وحتديد هذا العالج النفسي ومنق أنفسهم فرصة الستعادة الثقة ثانية. ويف الوقت نفسه يعيشون ثانية الشعور )بأنهم قادرون على التأثري يف شيء ما(«(128.P.(Lempa,,2000 جدول 2: أدوات لتشخيص اضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD ( أدوات تشخيصية عامة األدوات التشخيصية األعراض املقاسة تصنيف االضطراب التشخيص التفريقي قياس التشخيص االختالطي األضرار الذاتية من خالل األعراض اجلسمية والنفسية األضرار الذاتية من خالل الش كاوى اجلسدية والنفسية - مقابالت تشخيصية عيادية (SKID, DIPS, Mini-DIPS, Childs-DIPS) - أدوات فرز screening - مالحظات السلوك قائمة األعراض Symptom-Cecklist-90 (1) Revised (SCL-90-R) Franke, 1995 قائمة الشكاوى (1976).Zerrsen متوفرة بالعربية كما تتوفر أيضا القائمة السورية لألعراض Syrian Symptom Checklist :القائمة السورية لألعراض - دراسة ميدانية: سامر مجيل رضوان. جملة العلوم االجتماعية جملس النشر العلمي الكويت شتاء اجمللد 29 ) ( 32 Samer Rudwan (Editor)

94 اضطرابات الصدمة النفسية أدوات تشخيصية خاصة باضطراب الضغوط التالية للصدمة) األدوات التشخيصية األعراض املقاسة شدة سلوك التجنب واالقتحامات Intrusions نوع ومقدار االنصدام األعراض العامة للصدمة أو االستجابات الراهنة للضغط Impact of Event Scale (IES), Horowitz et al. (1979), dt. Maercker & Schetzwohl, 1998 Posttraumatic Stress Siagnostic Scale (PDS), Foa et al. (1997). Clinical Administered PTSD-Scale (CAPS), Blake et al. B eck-depression-inventory (BDI), Beck et al. (1961), dt. Hautzinger et al. (1992) )PTSD تشخيص االضطرابات االنفعالية امل قياس العام لالكتئاب Scale- General Depression GDS), Hautzinger & Bailer (1991) م قياس تقدير االكتئاب داملتون Hamilton Rating Scale for Depression (HAMD), مقدار ومدة االكتئابية قائمة بيك لالكتئاب مقننة على البيئة العربية يف عدد من البلدان العربية التقنني السوري للمرتجم. الصورة السورية ملقياس بيك لالكتئاب. سامر مجيل رضوان. جملة جامعة امللك سعود العلوم الرتبوية والدراسات اإلسالمية )1( ه\ 2443 م متوفر بالعربية: ترمجة سامر مجيل رضوان ) ) ( ( 33 سامر رضوان )حمرر(

95 اجلزء األول األدوات التشخيصية األعراض املقاسة املظ اهر النوعية للمزاج االكتئابي درجة اخلوف Hamilton, 1967 ( 1) - استبيان االجتاهات الالمنطقية (1989 (Klages, - مقياس اليأس (Krampen, Hopelessness-Scale 1994) تشخيص - اضطرابات القلق قائمة حالة القلق State Trait Anxiety-Inventory (STAI), Laux et el. (1981) (3) - مقياس تقدير القلق داملتون Hamilton Rating Scale for Anxiety, Hamilton (1996) تشخيص االضطرابات التفككية مقابالت عيادية مبنية لالضطرابات التفككية لل DSM-IV - (SKID-D), Gast et al., (2000) استبيان األعراض التفككية (Inventory for األعراض التفككي ة اضطرابات ادوية أداة فرز لالضطراب التفككي dissociative Symptoms) Fragebogen zu dissoziative Symptomen (FDS), Bernstein & Puntam (1986); dt. Fryberger et al. (1998) التثبيت متوفر يف اللغة العربية سامر رضوان. متوفر يف العربية من باحثني خمتلفني. متوفر ترمجات عربية لباحثني خمتلفني ويتوفر مقياس الكويت للقلق وحوله دراسات عديدة يف بيئات عربية منها البيئة السورية: سامر مجيل رضوان وأمحد عبد اخلالق. ) ) ) ( ( ( 34 Samer Rudwan (Editor)

96 اضطرابات الصدمة النفسية عاش املريض االنصدام على أنه اعتداء على شخصيته وسالمته. دذا فإنه من الضروري تثبيت املريض قبل العمل الفعلي على الصدمة )استقرار احلالة(. دذا تعد شدة االنصدام ومقدار األعراض التالية للصدمة أو االضطرابات النفسية املختلطة كواشف للمدة الالزمة ملرحلة التثبيت. وتهدف املرحلة األوىل من العالج الفعلي هذه إىل استعادة املريض للتحكم بنفسه واستجاباته االنفعالية وإنهاء اليأس. وهي تقدم مساعدة لتنظيم الذات وتهدئتها عن طريق تقنيات التباعد Distancing عن حمتويات التذكر املرهقة. وتفيد هنا القدرات واملوارد املتوفرة للمريض وحميطه االجتماعي كنقاط استناد ويتم تقويتها. وعلى املريض أن يعيش األمان والثقة وبشكل خاص يف عالقته باملعاجل. وال يتم هنا تنمية عمليات النقل أو التطرا إليها بصورة الداعي دا كي ال يفقد املريض األمان ويتزعزع. ويتم احلفاظ على عالقة واقعية Real Relationship إىل أبعد مدى ممكن ويتم استغالدا كأساس عمل للعالج (2000.(Sack, ومن أجل التثبيت يتم بشكل خاص استخدام تقنيات ختيل وتنفس واسرتخاء. ويوجد اختيار واسع للتمارين وأحيانا مع التوجيهات لدى Raddemann,(2002) Sack (2000), Schwarz (2002), Tylor (2996) االسرتجاع )اخلطف خلفا ) Flashback وآخرين غريهم. ومن أجل عدم الوقوع حتت رمحة بال حول وال قوة يتم حتديد مثرياته واليت تطلق عليها تسمية "املفجرات أو القادحات "trigger ويتعلم املريض على سبيل املثال بوساطة تقنية الشاشة التباعد عن ذكريات االسرتجاع امللحاحة. وتساعد متارين املعلومات األساسية Grounding Technique على التعامل مع األعراض التفككية معاجلة الصدمة واضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD ( يف عالج الصدمة نفسها يتم بشكل هادف إحداث إعادة مواجهة Re-exposition باخلربة الصادمة. واددف هو ختفيض األعراض التالية للصدمة أي جتنب املخاوف 35 سامر رضوان )حمرر(

97 اجلزء األول املتمحورة حول الصدمة وسلوك التجنب. باإلضافة إىل ذلك يتم السعي حنو إعادة بناء املركبات االنفعالية واالستعرافية للخربة الصادمة ودجمها يف تاريخ احلياة الشخصي. ويتم التطرا قدر اإلمكان لكل مظاهر االنصدام على مستويات املعنى واخلربة والتمثل من أجل تسهيل حدوث متثل انفعالي مالئم للخربات الصادمة. ويقدم منوذج BASK-Model )الشكل 2( لرباون (Braun, 1988) عرضا لكل ما ينبغي العمل عليه الذي مت تطويره ملعاجلة التفككات.dissociations ويذكر النموذج األبعاد التالية لألحداث الصادمة: شكل: :2 منوذج BASK لرباون P.16) (Braun, 2988, = اخلربة احلدث على مستوى الوقائع = االستجابات االنفعالية )قلق الحول( = األحاسيس اجلسدية فيما يتعلق بكل مصادر اإلحساس )أيضا األصوات/الرائحة( السلوك (B) Behavior االنفعال (A) Affect اإلحساس (S) Sensation = األفكار واالجتاهات االستعرافية حول النفس والعامل باخلربة الصادمة فيما يتعلق املعرفة (K) Knowledge أما شروط معاجلة الصدمة فهي وجود ثبات كاف للمريض وعدم وجود تأثريات أخرى للصدمة واالحتكاك باجلاني مل يعد موجودا. وينبغي أال جيري العالج إال من قبل معاجل نفسي مؤهل. ويتوفر يف هذه األثناء عدد كبري من الطرا املعرية على الصدمة اليت تقدم املدارس العالجية املختلفة تأهيال فيها. وتكون اجللسات مبنية بشدة وخصوصا يف بداية العالج. وتتضمن إىل جانب املواجهة بالصدمة تقديم املعلومات وبالطبع مناقشة الواجبات املنزلية واخلربات بني 36 Samer Rudwan (Editor)

98 اضطرابات الصدمة النفسية اجللسات. وحيظى املريض بالفرصة لألسئلة والتعبري عن الشك وتنتهي اجللسات باستعادة شفهية مشرتكة للجلسة العالجية املنتهية (2006.(Taylor, االيدماج وإعادة االرتباط تتمحور املرحلة األخرية على آثار الصدمة على ذات املريض وعالقاته باآلخرين (Van (1995 Braun,.der Hart, Steele, Boon & وغالبا ما يستمر دمج الصدمة أشهرا حتى سنوات ويتطلب يف العادة عالجا نفسيا الحقا جيري يف العيادة. ويتضمن احلزن حول املعاش واإلعاقة والتقييد يف "إمكانات اخلربة واحلياة". ويف نهاية املعاجلة الناجحة للخربة أو إىل حد ما يف نهاية اخلربات الصادمة ينبعث النضج الشخصي (1998.(Maecker, كما تعين إعادة الدمج reintegration إجياد االرتباط بالعامل ثانية أن يصبق اإلنسان جزءا من العامل. ويتم دمج اخلربات يف السرية احلياتية ومنظور العامل وميكن للحدث الفعلي وذلك الذي يتمناه املرء أن يتواجدا إىل جانب بعضهما بعضا. ويصوره متباينة هناك ضرورة أن يتعلم املريض التعامل مع األزمات الوجودية اليت تسببت بها اخلربة الصادمة أو متثلها. وتتضمن هذه األزمات مشاعر فقدان املعنى واالنعزال وفقدان الصلة بالناس اآلخرين وغالبا انتحارية واضحة & Boon (Van der Hart, Steele, (1995.Braun, على املريض أن يتعلم التعامل مع النزوعات اددامة الذاتية احلاصلة. كما أنه من الضروري مواجهة مشاعر اخلجل والذنب. وغالبا ما تظهر بعد املعاجلة الناجحة للصدمة الشخصية ماقبل املرضية premorbid واليت تتضمن إىل حد ما مسات سيكوباثولوجية. فإذا ما حصل ذلك فالبد من إجراء عالج نفسي تقليدي. كما أن املريض غالبا ما حيتاج املساعدة لبناء منظومة دعم اجتماعية وتطوير ختطيط ملموس للمستقبل 2000).(Sack, 4.4- فرص وخماطر العالج 32 سامر رضوان )حمرر(

99 اجلزء األول يرتبط عالج الصدمة بضغوط شديدة للمريض واملعاجل معا. فمن خالل االنشغال املقصود باخلربة حيصل تنشيط عابر للذكريات وصوال إىل إبطال الفجوة الذاكروية اليت رمبا تكون القائمة وتقوية لألعراض (20906.(Tylor, كما قد تضاف أعراض أخرى من حنو املخاوف أو اضطرابات النوم أو الشكاوى اجلسدية على سبيل املثال. ويف أثناء عالج الصدمة غالبا ما يتكرر يف العادة ظهور االرجتاع Flashback والكوابيس كما تضعف القدرة على التباعد وتنهار الوظيفة احلامية للتجنب. وينشأ خطر اإلغراا مبادة الذاكرة (2006.(Sack, وهنا من الضروري جدا االنتباه إىل احلدود الذاتية لتحمل الضغط عند املريض وحتضري تقنيات تثبيت.Stabilization Technique والبد من الشرح يف البادية للمريض تأثريات معاجلة الصدمة وحتضريه على هذا. وغالبا ما حيمل مرضى اضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD ( تارخيا طويال من املعاناة خلفهم إىل أن يقرروا إجراء عالج للصدمة أو حتى أن تتاح دم عموما إمكانية ذلك. وتكمن فرصة عالج الصدمة يف التخفيف من هذه املعاناة من الذكريات املعذبة وإجياد نهاية دا إذا كان ذلك ممكنا والوصول إىل سالم داخلي مع ما حدث. كما ميكن مناقشة التعامل مع التخلي عن الثأر أو التعويض. ومن خالل خربة الصدمة يواجه املريض باملشكالت الوجودية ومسائل معنى احلياة. وميكن يف املواجهات التالية مع هذه املسائل أن حتدث خربات نضج تالية للصدمة.posttraumatic Growth حيث يذكر املرضى حتسن يف عالقاتهم البني إنسانية والتفكري Maercker, 1998: جبوهر احلياة ومنو روحي spiritual وإدراك أعمق للطبيعة والبيئة )قارن.Zoellner, Clhoun & Tedeschi, 2006) 39 Samer Rudwan (Editor)

100 الفصل اخلامس مبادئ عالجية وعرض للطرق 5.1- العالج السلوكي االستعرايف يوجد يف املدارس العالجية النفسية مبادئ خمتلفة ملعاجلة الصدمة. وختتلف الطرا وبؤرة متحور عمل الصدمة باختالف املدرسة. ولكنها تشرتك بأنها تنظر للعالج الفعلي للصدمة كجزء من عالج كلي تكون معاجلة الصدمة مغروسة فيه. وتصلق اخلطوط املوجهة اليت وضعها فالتن وآخرون (2004 al., (Flatten et حول عالج الصدمة لكل املبادئ. ويؤكد ساك (2000 (Sack, على أن التوليف بني املبادئ الطرائقية املختلفة هو األكثر فاعلية ملعاجلة الصدمة. ويعد العالج االستعرايف السلوكي (CBT) Cognitive Behavioral Therapy إحدى طرا التدخل الفاعلة جدا. وتشكل الفكرة القائلة أنه ميكن النظر ألعراض اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( على أنه تعبري عن اضطراب قلق يستثار ويصبق مزمنا من خالل سلوك التجنب واالستعرافات املختلة )املعطوبة( أساس معاجلة الصدمة بوساطة العالج االستعرايف السلوكي.(CBT) وعن ذلك ينبثق مبدأين مفضلني من العالج: أساليب املواجهة وأساليب مواجهة القلق. وتهدف املواجهة املتكررة مع املعاش إىل فصل زوج االرتباط»املثري الصادم«و»استجابة القلق«وحتقيق خفض للحساسية جتاه هذا الزوج من االرتباطات. ومن خالل ذلك حيصل االعتياد إىل أن يتم التمكن يف النهاية من تذكر املوقف الصادم من دون استجابة قلق شديدة. وعلى عكس ما يتم إدراكه على أنه عودة اخلربة املدركة على أنها غري قابلة للسيطرة تتم يف العادة يف املواجهة يف اإلحساس In 33

101 اجلزء األول Sensu استثارة الذكريات وتوجيهها حتت توجيه املعاجل عرب الروايات الذاتية. فإذا ما أبدى املريض سلوك جتنب فيما يتعلق بأماكن أو أشياء أو مواقف معينة مرتبطة بالصدمة فإنه ميكن إجراء املواجهة يف املوقف in vivo أي يتم توجيه املعين للدخول يف موقف خطري ولكن ليس املوقف حبد ذاته per se للتغلب على خوفه. إال أنه ينشأ هنا يف كل األحوال توتر )ضغط( شديد للمعين وهو ما يقود إىل أن نسبة كبرية نسبيا من املتعاجلني تقطع العالج 2000).(Sack, ويتعلق جناح العالج باملواجهة مبواجهة موقف القلق من ناحية ومن ناحية أخرى يلعب ترميم األمناط االستعرافية املختلة )املعطوبة( dysfunctional cognitive التابعة لذلك دورا حامسا. ومن أجل قياس شدة االستعرافات املختلة )املعطوبة( املمكنة ميكن على سبيل املثال استخدام استبيان االستعرافات املختلة )املعطوبة( (2002 (Steil, أو استبيان األفكار بعد األحداث الصادمة P.92f) (Ehlers,,1999 أو مقياس الكفاءة الذاتية (1999 (Schwarzer, أو مقاييس قياس اليأس لكرام نب (1994 Krampen,.(H-Scale; وتعد مشاعر الذنب غري املربرة واتهامات الذات أو اخلوف املتزايد من تكرار احلدث الصادم أمثلة عن االستعرافات املختلة. ويتم حتديدها يف اجللسة العالجية واختبار مدى واقعيتها. وتهدف إعادة البناء االستعرايف إىل وضع اخلربات الصادمة يف سياا استعرايف تكيفي ميسر ومتكني املريض من وضع تقدير واقعي فيما يتعلق مبشاركته الذاتية يف الصدمة واخلطر احلقيقي والتهديد( 2000.(Sack, ويقدم جدول 3.1 التقنيات االستعرافية املتوفرة يف عالج اضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD ( مت اقتباسها عن ستايل.(Steil, 2008) كما توجد لدى إيلرز (1999 (Ehlers, شروحات وأمثلة مستفيضة ألمناط السلوك املختلة )املعطوبة( وأمناط التمثل االستعرايف وتفسريات اخلربة. ويتضمن عالج الصدمة السلوكية االستعرافية يف العادة توليفا من املواجهة يف 144 Samer Rudwan (Editor)

102 اضطرابات الصدمة النفسية اإلحساس ويف املوقف وإعادة البناء االستعرايف وأساليب مواجهة القلق وتقنيات االسرتخاء. باإلضافة إىل ذلك تثبيت املريض باألدوية النفسية ويفضل منها كاحبات إعادة قبض السريوتونني االنتقائية Selective Serotonin-Reuptake-Inhibitors ويرمز دا اختصارا.SSRI وتؤكد الدراسات اإلمبرييقية بأن العالج االستعرايف السلوكي واحد من أشكال العالج الواعدة األكثر فاعلية يف اضطرابات الضغوط التالية للصدمة.)PTSD( إذا أن تأثرياته اجلانبية هي األقل ويتصف باإلضافة إىل ذلك بأن نسبة القطع العالج اخلالص باألدوية )قارن Taylor, 2006 (. drop out للعالج أقل من جدول 1: التقينات االستعرافية املألوفة يف عالج اضطرابات الضغوط التالية للصدمة )PTSD( (Steil, 2005, P.291) التقنيات استعراض العالقة بني األفكار واملشاعر النظر للمخاوف والتوقعات كفرضيات ميكن اختبارها واستخدام تقديرات االحتمالية ومجع الرباهني وجتارب السلوك الختبار التوقعات التحليل املنطقي لألفكار والقناعات األمثلة»دائما عندما أفكر بأنه كان بإمكاني منع األمر أشعر حبزن أكرب وأني أكثر سوءاختش ى م ن أال تستطيع التوق ف ع ن البك اء ل و أنك حدثتين بصورة أدا عما حصل. هل شهدت مرة إنسانا مل يستطع التوقف عن البكاء عند تذكر خربة حزينة ما هو احتمال أن تبكي لثالث ساعات متواصلة عندما تتذكر احلدث فإنك تفكر بأن حياتك قد دمرت. فما الذي تقصده بالضبط بهذا «هل يعين هذا أنه ال ميكن أن حيدث أي شيء إجيابي ما هي اجملاالت يف حياتك املهمة لك ما هي األشياء اليت تستمتع بها يف حياتك حتى ما هي األشياء اليت ميكن أن 141 سامر رضوان )حمرر(

103 اجلزء األول التقنيات األمثلة تفرحك يف املستقبل تقنية-حمامي الشيطان»تتهمني نفسك بأنك عندما كنت طفلة مل تدافعي عن نفسك ضد اعتداءات والدك اجلنسية. أحب أن أعرف بدقة ملاذا مل تدافعي عن نفسك. كيف حدث ذلك تشغل بالك بفكرة ملاذا سافرت بالسيارة يف ذلك اليوم على الرغم من الضباب ومرضك. تقول لنفسك بأنك مل تر سائق الدراجة الذي قدم من الرصيف وترى أنه كان بإمكانك منع موته لو مل تستخدم السيارة. ما الذي فكرت به يف ذلك الصباح قبل أن تنطلق كم هو تقديرك للخطر يف ذلك الصباح بأنك قد تتسبب مبوت إنسان آخر عندما جلست يف السيارة وانطلقت عندما أروي لآلخرين عن الذكريات املرهقة رمبا أصبق حزينا والبد أن أبكي إال أنه سوف مير. سوف لن أفقد السيطرة على نفسي ورمبا يتمكن اآلخرون من فهم ملاذا أنا حزين هكذا. رمبا لن أعود أشعر بالعزلة بهذا الشكل advocatus-diaboli مساعدة املريض على رؤية نفسه واحلكم عليها بعيون اإلنسان الذي كان قبل االنصدام أو يف أثناءه أو احلكم على تصرفه على أساس املعلومات اليت كانت متوفرة له قبل أو يف أثناء الصدمة. تطوير أفكار وتوقعات بديلة ومفيدة Advocatus Diaboli كلمة تعين "حمامي الشيطان" ويقصد بها باألصل احملامي الكنسي الذي كان يتم تعيينه من ق ب ل الكنسية الكاثوليكية يف "روما" ليجادل املرشحني ملنصب القس وكانت وظيفته التعامل مع املرشق من منطلق الشك والبحث عن أي ثغرات يف األدلة اليت يسوقها على وجود معجزة ما ومدى أهليته للمنصب ودائم ا يكون له م ناظر هو "حمامي الرب" الذي يتوىل الدفاع عن املرشق. بدأ شغل هذا املنصب يف عهد البابا "سكستوس اخلامس" عام 1592 حتى ألغاه البابا "جون بول الثاني" عام 1393 وإن است خد م بشكل حمدود بعد ذلك كما حدث يف مناظرة "األم ترييزا" على سبيل املثال. ويتم استخدام هذا املصطلق عموما ليشري إىل شخص يشرتك يف حمادثة بغرض اجلدال ويسوا األدلة والرباهني على صحة كالمه وكثريا ما يكون يف وضع يعلم فيه الكثري مما ال يعلمه اآلخرون. )1( 142 Samer Rudwan (Editor)

104 اضطرابات الصدمة النفسية التقنيات األمثلة عندما أمتكن من احلديث عن ذكرياتي« مبادئ عالجية سلوكية خاصة يف اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( العالج النفسي االستعرايف السلوكي وفق إيلرز يربط املبدأ العالجي السلوكي االستعرايف الضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( ألنكه إيلرز Anke Ehlers أساليب املواجهة وبشكل خاص إعادة خربة الصدمة بصورة ختيلية مع طرا العالج االستعرايف. وتنطلق إيلرز من أن مرضى اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( قد متثلوا احلدث الصادم حبيث أنهم يدركون وجود تهديد راهن شديد مما ينتج اخلوف. وحتدد إيلرز عمليتني استعرافيتني مهمتني تقودان إىل هذا اإلدراك: األوىل هي تفسري الصدمة أو نتائجها أو كليهما معا والثانية نوع ذاكرة الصدمة وارتباطها بالذكريات التاريخ حياتية األخرى. وبنتيجة التهديد املدرك يطور املريض سلسلة من أمناط السلوك املختلة )املعطوبة( واالستجابات االستعرافية قامت إيلرز بعرضها بتفصيل 1999).(Ehlers, ويتأثر متثل اخلربة االستعرافية بقوة مبقدار االستسالم )ادزمية النفسية mental )defeat يف املوقف الصادم. ويعين االستسالم يف هذا السياا الفقدان املدرك لتلك االستقاللية واملرتبطة بالشعور بأن املعين مل يعد إنسانا. وغالبا ما يقود هذا إىل أن املعين يفسر الصدمة على أنها برهان على النظرة السلبية القائمة منذ وقت مبكر باألصل لشخصه األمر الذي يصع ب من خالله التمثل االنفعالي املناسب ودمج املعاش يف السرية الذاتية اخلاصة (1999.(Ehlers, يبدأ العالج بعد تشخيص مسهب مع الشرح للمريض حول أعراضه وبشكل خاص حول التمثل االستعرايف املختل وتفسري اخلربات الصادمة. على املريض أن يفهم االضطراب ويدرك أن 143 سامر رضوان )حمرر(

105 اجلزء األول الكثري من اسرتاتيجيات متثله ميكن أن حتافظ على استمرارية األعراض. ويطمق من خالل إعادة خربة الصدمة التخيلية )التعرض التخيلي imagined )exposure إىل حتقيق اعتياد على الذكرى الصادمة. باإلضافة إىل ذلك حتتل املواجهة يف املوقف يف مبدأ إيلرز مكانة كبرية وهي تأتي يف جمرى العالج بعد املواجهة يف اإلحساس. وبالتوازي مع املواجهة تأتي إعادة البناء االستعرايف بهدف التحديد والتعديل ادادف للتقوميات املختلة )املعطوبة( للصدمة وعواقبها وإعادة عزو الذنب واملسؤولية وإعادة بناء الصور املتغرية بصورة سلبية لذات الشخص. واددف هو تهديم سلوك التجنب ومنع جتدد الوقوع ضحية.victimization وتؤكد إيلرز على أنه عندما يتمكن املريض من التأثري على العالج ومن ثم ممارسة السيطرة على ما حيدث معه فإنه ميكن النظر للعالج على أنه موفق 1999).(Ehlers, العالج باملواجهة وفق فوا Foa يضع فوا وزمالءه 2003( Hemree, )Foa & Rothbaum, 1996: Rothbaum, Foa & تعديل بنى اخلوف عند املريض يف حمور املبدأ العالجي النفسي لعالج الصدمة. وينطلقون من أن بنى اخلوف Fear Structures عند مريض اضطراب الضغوط التالية للصدمة )PTSD( تتضمن عناصر مرضية تقود من بني ما تقود إىل أن يتم تعميم القلق الذي هو نتيجة للخربات الصادمة على منبهات غري خطرية. ويف أثناء العالج السلوكي االستعرايف حيصل تنشيط لبنى اخلوف بوساطة املواجهة املطولة. حيث تتم مواجهة املريض خبربات الصدمة وخبوفه مما يتيق االعتياد. ويف أثناء املواجهة حيصل املريض على معلومات جديدة غري قابلة لالندماج مع العناصر املتضمنة يف البنية املرضية )يشعر املريض باخلوف ولكنه يكون يف الوقت نفسه بأمان على سبيل املثال ( مما يدعم تعديل بنية اخلوف. ومن خالل إعادة اخلربة يتم يف الوقت نفسه تنظيم الذكريات الصادمة مما يسهل اندماج خربات الصدمة يف التصويرات االستعرافية 144 Samer Rudwan (Editor)

106 اضطرابات الصدمة النفسية القائمة. ومن املمكن أن يعقب هذا إعادة تقويم جديدة للصدمة. فيتم إضعاف االتصال الرتابطي associative connect مع املنبه داخل بنية اخلوف اليت كان يستجاب دا يف السابق باخلوف بنتيجة التعميم ويقتصر اخلوف منذئذ على املواقف اخلطرية بالفعل. فتتناقص أعراض اضطراب الضغوط التالية للصدمة) PTSD ( وبشكل خاص االقتحامات وسلوك التجنب. وعلى الرغم من أن العالج باملواجهة ال يعاجل بصورة مباشرة تصويرات املريض حول العامل وذاته هو إال أن تقليص األعراض يسهم يف تغيري إدراك الذات عند املعين فريى نفسه قادرا أكثر على مواجهة الضغوط وال يعود يشعر أن العامل حبد ذاته خطري. مما يسهل عليه يف العادة البحث عن الدعم االجتماعي مما يسهم يف زيادة استقرار املعين خفض حساسية حركات العني لشابريو تعد طريقة خفض حساسية حركات العني واإلعادة Eye Movement واليت يرمز دا اختصارا (EMDR) اليت طورها باألصل Desensitization and Reprocessing فرانسني شابريو Francine Shapiro واحدة من الطرا الفاعلة جدا يف عالج الصدمة. وهي تقوم على إعادة املواجهة التخيلية مع الصدمة. ويقوم أساس خفض حساسية حركات العني واإلعادة (EMDR) على االفرتاضات حول ختزين ذكريات الصدمة يف الدما : حيث تتم إزالة االنفصال dissociation املستثار من خالل الصدمة بني اللوزة وقرين آمون )تلفيف bilateral. وتعمل (EMDR) حصان البحر )hippocampus والدما التنبيه الثنائي املتبادل يتكون اجلهاز اللميب أو الطريف أو احلايف أو النطاقي Limbic system من تلفيف حصان البحر )أو قرين آمون( Hippocampus وهو عبارة عن قوس عصبية هي مركز الذاكرة وطرفاها هما مركز العواطف ويسمى "اللوزة الدماغية amygdale واديبتاالموس. أما حصان البحر فيلعب دورا هاما يف الذاكرة وخاصة األحداث القريبة بينما تلعب اللوزة ) ( 145 سامر رضوان )حمرر(

107 اجلزء األول لنصفي الدما من خالل حركات العني ومع التبوئر املزدوج double Focusing لالنتباه. وهذا يعين أنه تتم استثارة نصفي الكرة الدماغية كلتيهما بالتبادل من خالل املتابعة البصرية ألصبع املعاجل أو النقر على اليد اليمنى واليسرى للمريض ويف أثناء ذلك جييب املريض على أسئلة حول املشاعر أو اخلربات فيما يتعلق باملوقف الصادم. وهذا احلادث يتيق ويدعم ويسع العمليات االستعرافية لتمثل الصدمة (1998.(Shapiro, دورا هاما للتحكم يف االستجابات االنفعالية ولذلك نرى أن الفص الصدغي له دور يف كل من الذاكرة واالنفعال. 146 Samer Rudwan (Editor)